قال عبد الرحيم غريب، الباحث المغربي في الشأن الرياضي، إن ترديد شعارات سياسية داخل ملاعب كرة القدم ببلاده من طرف مجموعات مشجعي كرة القدم "الألتراس"، مرتبط بالاحتقان الاجتماعي، كالبطالة والفقر والتهميش وانعدام الأمل والأفق. وأضاف غريب، أستاذ الحكامة الرياضية بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالدار البيضاء، إن "الشارع المغربي فقد الثقة في الأحزاب والجمعيات، وبات الألتراس يلعب دورا كبيرا في وعيه وتكوينه". ولقيت شعارات "الألتراس" انتشارا كبيرا بمنصات التواصل الاجتماعي، مؤخرا، أشهرها أغنية "في بلادي ظلموني" التي يرددها جماهير فريق الرجاء البيضاوي، وتتطرق لمعاناة الشباب، في ظل الأوضاع بالبلاد. وتابع غريب "عندما تتراجع حرية التعبير بالمجتمعات، يصبح الملعب المتنفس الجماعي لها، حيث يتم ترديد شعارات تحمل طابعا سياسيا". ويعتقد غريب أن "المسؤولين المغاربة بدورهم قبلوا أن يكون الملعب هو الفضاء الذي يعبر فيه المجتمع ويفرغ كل الاحتقان الذي يعيشه، حتى لا يجعلوا من فضاءات أخرى مجالا للتعبير". واعتبر أن "الشعارات التي ترفع في المدرجات، والأناشيد والأهازيج، ليست وليدة اللحظة، بل تعود لنحو15 سنة". وتابع: "لاحظنا بأنه يتم تبني خطابات سياسية لها علاقة بالوحدة الترابية المغربية ، فكلما كانت مقابلات بين نادي مغربي وجزائري مثلا تتردد شعارات في هذا الموضوع". ولفت غريب إلى أن "هناك أيضا شعارات مرتبطة بالقضايا القومية والإسلامية يتم ترديدها بالمدرجات، كما حدث عندما أهانت جريدة أوروبية الرسول صلى الله عليه وسلم، أو عندما تتعرض فلسطين لاعتداء معين". ومع أن هذه الظاهرة ليست بالحديثة، يقول الباحث المغربي إنه "دائما ما يكون هناك حدث أو تغير طارئ يعيدها للواجهة". وأوضح أن شعارات "الألتراس" خرجت عن سيطرة الاتحاد المغربي لكرة القدم وكذلك وزارة الرياضة، خصوصا مع تكنولوجيا المعلومات، وتداول مقاطع الفيديو لهتافات الجماهير على منصات التواصل الاجتماعي بشكل واسع. وبخصوص ترديد "الألتراس"، لشعارات مرتبطة باحتجاجات طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية بالمغرب، في عدد من مدن المملكة، رفضاً للقرار حكومي يقضي بإلغاء العمل بالتوقيت الشتوي، قال غريب إن "الجمعيات فقدت قدرتها في التأطير، لذلك الألتراس تعمل على إيصال رسائل بعض الشرائح المجتمع". وخلال 8 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، انطلقت احتجاجات طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية بالمغرب، في عدد من مدن المملكة، رفضا للقرار حكومي يقضي بإلغاء العمل بالتوقيت الشتوي، واستمر الاحتجاج 5 أيام عبر تنظيم مسيرات ووقفات احتجاجية، بالإضافة إلى مقاطعة عدد من التلاميذ الدراسة، بعدد من المؤسسات التعليمية. ومضى غريب قائلا "ولكن الأخطر في الأمر، هو تراجع الأحزاب السياسية عن الدور التي تقوم به، وعندما تغيب الأحزاب يبحث الشباب عن البدائل التي ستحتضنه، من بينهما "الألتراس"، الذي أصبح عقيدة بالنسبة للعديد منهم". ولفت إلى أن "أبحاث أكاديمية وعلمية بالمغرب، أثبت أن هناك فئة واسعة من الشباب يعتبرون (الألتراس) أهم لهم من الأسرة والمدرسة، فهم لديهم ثقة عمياء في الفصيل (الألتراس) الذي ينتمون إليه، ويحاولون من خلاله تمرير جميع خطاباتهم، ولا يثقون في أية مؤسسة أخرى". وفي رده عن سؤال حول كيفية التعامل مع هذه الظاهرة، أجاب الباحث المغربي قائلا "على السياسيين أن يلتقطوا هذه الرسائل وأن يتعاملوا معها بجدية، بما أنها لم تجنح للعنف، وعلى الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، أن تلتفت إلى أنها بدأت تفقد مكانتها، ولم يعد لها في عيون هذه الفئة أية مشروعية". وأضاف "هذه الشعارات ذوبت العداء بين الفصائل (الألتراس)، وأصبحت تتبنى نفس الشعارات والأفكار، لذلك قد يساهم ذلك في الحد من العنف، كما أن هذا الأمر لا يؤثر بشكل مباشر على الرياضة، لأن هدف الأندية في النهاية هو أن تحضر الجماهير بكثافة". وخلال الشهور الماضية، تزايد ترديد "الألتراس" هتافات سياسية بملاعب كرة القدم المغربية. كما يحمل جمهور عدد من الأندية لافتات تحمل شعارات سياسية. وبحسب مراقبين، فإن ترديد هذه الشعارات بدأ يطرح سؤال عن تحولها إلى قوة معارضة في البلاد. ويردد جماهير الرجاء البيضاوي أغنية عرفت انتشارا كبيرا بمنصات التواصل الاجتماعية تحت عنوان "في بلادي ظلموني"، تبدأ بالقول "أوه أوه أوه، لمن نشكي حالي، الشكوى للرب العالي، أوه أوه أوه، هو اللي داري (هو الذي يعرف)". كما تقول: "فهاد (في هذه) البلاد عايشين فغمامة، طالبين السلامة، انصرنا يا مولانا". وتضيف: "صرفو علينا حشيش كتامة، خلاونا كي اليتامى نتحاسبو في القيامة". وتستطرد: "مواهب ضيعتوها ... كيف بغيتو تشوفوها.. فلوس البلاد كع كليتوها للبراني عطيوتوها". وتختتم الأغنية كلماتها ب"أوه أوه أوه.. توب علينا يا ربي".