انطلقت، السبت في مدينة أصيلة، فعاليات الدورة الربيعية من موسم أصيلة الثقافي الدولي في نسخته السادسة والأربعين، وهي أول دورة تنظم بعد وفاة محمد بن عيسى، مؤسس المنتدى ووزير الثقافة والخارجية الأسبق، الذي رحل في فبراير الماضي، مخلفا وراءه إرثا ثقافيا يمتد على مدى أربعة عقود. وتخصص الدورة الربيعية، التي تتواصل إلى غاية 20 أبريل الجاري، للفنون التشكيلية، وتعرف مشاركة فنانين من المغرب وست دول أخرى هي البحرين، إسبانيا، سوريا، رومانيا، بلجيكا وبريطانيا. كما تتضمن ورشات موجهة للأطفال، من بينها "مرسم الطفل" و"مشغل التعبير الأدبي وكتابة الطفل". ويُنظر إلى هذه الدورة بوصفها محطة رمزية في تاريخ موسم أصيلة، كونها تُنظم في غياب الراحل بن عيسى، الذي ظل لعقود يشرف بشكل شخصي على تفاصيله، ويستقطب أسماء لامعة في الأدب والفكر والسياسة من مختلف أنحاء العالم. وقد ارتبط اسمه بالموسم منذ تأسيسه سنة 1978، عندما حوّل المدينة الصغيرة إلى ملتقى دولي للفن والفكر. وكانت مؤسسة منتدى أصيلة قد عقدت جمعا عاما استثنائيا يوم 22 مارس الماضي، أعلنت فيه عن اعتماد صيغة جديدة لتنظيم الموسم على امتداد العام في ثلاث دورات: ربيعية، صيفية، وخريفية. وتمثل الدورة الحالية أولى حلقات هذا التصور الجديد، فيما يُرتقب أن تشمل الدورة الصيفية المقبلة ورشة الجداريات ومشاغل المواهب، أما الدورة الخريفية فستُخصص للندوات والفعاليات الفكرية. وتتضمن الدورة الخريفية ندوة تكريمية للراحل محمد بن عيسى في إطار فعالية "خيمة الإبداع"، إضافة إلى ندوتين تحملان عنواني "الفن وسلطة التقنية" و"الفن المعاصر وأنظمة الدعم"، إلى جانب ندوة أخرى تكريمية للفنان المغربي عبد الكريم الوزاني، أحد أبرز الأسماء في فن النحت بالمغرب. كما ستشهد المرحلة الخريفية من الموسم تسليم جائزتي "تشيكايا أوتامسي للشعر الإفريقي" في دورتها الثالثة عشرة، و"بلند الحيدري للشعراء العرب الشباب" في دورتها الثامنة. وخلال الجمع العام نفسه، تم انتخاب حاتم البطيوي أمينا عاما جديدا لمؤسسة منتدى أصيلة، خلفًا لبن عيسى، الذي طالما اعتبر أن الثقافة يمكن أن تكون مدخلا للحوار والتعايش بين الشعوب. ويواجه البطيوي تحدي الحفاظ على إشعاع هذا الموعد الثقافي الفريد، ومواصلة ما كرسه المؤسس في سياق متغير محليا ووطنيا ودوليا. ويُعد موسم أصيلة من أعرق التظاهرات الثقافية في العالم العربي وإفريقيا، واستطاع عبر السنوات أن يرسخ مكانته كمنصة للنقاش الفني والفكري الحر، في مدينة تحولت من فضاء هامشي إلى نقطة تلاقٍ بين حضارات وتجارب متعددة.