كانت عقارب الساعة تقترب من الواحدة صباحا، لكن أسواق طنجة وشوارعها الرئيسية ما زالت تعجّ بالحركة، في مشهد يعكس حالة استنفار جماعي أعقبت إعلان ثبوت هلال شوال مساء الأحد، إيذاناً بحلول عيد الفطر. فمنذ لحظة التأكيد الرسمي، تسارعت وتيرة الإقبال على المتاجر والأسواق، حيث تدفّق المواطنون لاقتناء مستلزمات العيد من ملابس وأحذية وحلويات، في وقت متزامن، ما أدى إلى ازدحام شديد في مداخل الأسواق الكبرى، واختناق مروري غير مسبوق في المحاور الحيوية للمدينة، لا سيما شارع فاس، شارع المكسيك، وشارع الحرية. وفي محيط هذه الأسواق، فرض الباعة المتجولون حضورهم بقوة، مستغلين الفرصة السنوية لتحقيق أرباح سريعة. وانتشرت عرباتهم وبضائعهم على الأرصفة وحتى وسط بعض الممرات، وسط صياح متواصل لجذب الزبائن، خاصة في أسواق بني مكادة وكسبراطا وسوق المدينة القديمة. في شارع المكسيك، تحول الفضاء إلى سوق مفتوح تتعالى فيه أصوات العروض والتخفيضات، بينما امتلأت جنباته بالباعة، فيما شهد شارع الحرية بدوره ازدحاماً لافتاً عند مدخل ساحة 9 أبريل، حيث تنافست أصوات منبّهات السيارات مع أناشيد وأغانٍ شعبية صدحت من مكبرات الصوت المحمولة. وشمل هذا التهافت المحموم على الشراء أيضاً المخابز ومحلات بيع الحلويات، التي بدت في ذروة نشاطها، حيث باتت فئة واسعة من سكان طنجة تفضّل اقتناء الحلويات الجاهزة على إعدادها منزليا، في مؤشر على تحوّل تدريجي في العادات الاستهلاكية المرتبطة بهذه المناسبة. وفي المقابل، عرفت المساجد تراجعا لافتا في أعداد المصلين خلال صلاة العشاء الأخيرة من شهر رمضان. ففي حي الجيراري ببني مكادة، حيث اعتاد المصلون أن يفرشوا الطرقات المؤدية إلى مسجد "المسيرة"، بدا المشهد مساء الأحد مختلفا، إذ غابت الحشود التي ملأت المكان طيلة ليالي الشهر الفضيل. وفي محاولة لبعث الوعي، توجه الإمام إلى المصلين عبر مكبر الصوت قائلا: "لقد عشنا أجواءً روحانية عظيمة طيلة أيام هذا الشهر المبارك، لكن هذه الأجواء لا يجب أن تنتهي بانقضاء الصيام". وختم كلمته التوجيهية بترديد الحديث النبوي: "من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت"، في تذكير بضرورة الاستمرار في إعمار المساجد طوال العام، وليس فقط خلال رمضان.