على هامش الانتخابات التشريعية في الجزائر انتشرت صورة على مواقع التواصل الاجتماعي لها من الدلالات ما يلخص واقع حال المواطن في هذه الأوطان الممتدة من الماء إلى الماء , هذه الصورة تظهر هذا المواطن الجزائري الشجاع يضع في مغلف ورقة التصويت ورق علبة حليب فارغة عوضا عن ورقة التصويت نفسها , ولسان حال هذا المواطن يقول لقد حلبتمونا ومنعتم عنا الحليب . الصورة والتصرف الذي تظهره تعبير بليغ من هذا المواطن الجزائري لواقع كل هذه الملايين من المواطنين في هذه الدول وشبه الدول التي تمتد على هذه الخريطة المشوهة والمقطعة الأوصال , فكل ما يتمتع به هؤلاء المواطنون من صفات المواطنة , الانتخاب و أداء الضرائب أما بقية الحقوق ولنضف إليها حتى الواجبات التي تشكل معا كفتي ميزان المواطنة الحقة , أي أن تصور الدولة لعلاقتها بالمواطن مرتبطة فقط بالحلب , حلب الجيوب بمختلف أنواع الضرائب المباشر منها و غير المباشر , والأخطر أن هذه الضرائب يؤديها فقط المغلوبون على أمرهم وتتوجه إليهم آلة الحلب كلما نضبت ضروع الصناديق أمام الدولة , أما الحقوق , حقوق المواطن على هذه الدولة ويمكن تلخيصها في إطار بلاغة التعبير لدى هذا المواطن الجزائري في الحليب , هذا المنتوج الغذائي الذي يعد من أساسيات الاحتياجات للمواطن , حليب غداء \حليب أطفال ... فهو إما مغشوش أو خارج متناول هذا المواطن وقدرته الشرائية المنهكة . من طرائف سياسة الحلب للمواطن التي تنهجها الدولة أن مواطنا مثل الفنان الفكاهي محمد مهيول يتفاجئ برسالة من إدارة الضرائب تنذره بكونه مدينا للدولة بضرائب وهو ما يعلق عليه الفنان الفكاهي بسخريته المعهودة , ( كل ما أمتلكه هو أربع نكات أقتات منها أنا و أولادي وإذا كانت الدولة ترى أنني مدين لها بضرائب فلتأخذ نكتي ويمكن أن تضيف عليهم كذالك حتى أولادي وزوجتي أو يقول سأزور إدارة الضرائب ومعي قفة فيها النكات الأربع وسأفرغها لهم فوق المكتب فأنا لا أمتلك غيرها لا منزل ولا حتى دراجة عادية ) . الدولة التي تصلح على حساب المواطن الفقير تحتاج إلى إعادة نظر, تصلح صندوق المقاصة , تصلح عجز الميزانية , تصلح أنظمة التقاعد ... الإصلاح جميل ومطلوب ويحتاج موارد , وفعلا الموارد لا تأتي إلا من الضرائب , وفي كل دول العالم التي تحترم مواطنيها الضرائب تفرض على الفئات القادرة من المجتمع إلا عندنا يحدث العكس , المواطن المغلوب على أمره هو من يؤدي فاتورة الإصلاح , وهذا دليل إما عن عجز للدولة في مواجهة أغنياء الوطن أو هيمنة لهم على الدولة أو قصر نظر في تفكير مسئولي هذه الدولة في طريقة تدبير شؤونها , وفي جميع الأحوال سيتم حلبنا بنجاح .