كان عمري حينها ثلاث سنوات ونصف، حين حملني السلطان محمد الخامس بين يديه في إلى قصره، أحكي لك قصتي مع السلطان وعمري الآن 64سنة، شخصيا لا أتذكر شيئا عن الواقعة، ولا شيء مضيفا فقط والدتي هي التي حكت لي القصة : كان السلطان محمد الخامس، مارا في موكبه الملكي المهيب، محاطا بحراسه، للتو عاد من منفاه من مدغشقر1957، الشوارع ممتلئة بالناس، حبلى بالبشر من كل الجنسيات، لا أحد ركن في بيته يومها، الكل فرح جذلان بعودة السلطان من منفاه، عرس في الشارع، لا صوت يعلو على صوت زغاريد النسوة يويويويووي، الكل يهتف بحياة وروح السلطان محمد الخامس .....عاش الملك.....عاش السلطان كنت حينها أدفع إلى شدقي نصف "كوميرة" من الحلوف، حملتني والدتي في لمح البصر بين يديها وطارت بي إلى الشارع "كاسطيا" لتحية السلطان بقدومه. حينما اقترب موكب السلطان، استنفرت حناجر المارة بالزغاريد، الكل يتدافع نحو السلطان ليظفر بسلامه، أو على الأقل بنظرة منه. تقول والدتي كلما حكت لي هذه الحكاية: عندما رأيت السلطان نسيتك فوق ظهري ، بدأت أصرخ عاش السلطان....عاش السلطان......وأنت تبكي على كسرة الخبز بالحلوف سقطت من بين يديك فجأة، اقترب منا حارس من حراس الملك، بأمر من محمد الخامس، أخذني من بين يدي والدتي واركبني في سيارته المكشوفة.....كنت وسيما في طفولتي يقولها ضاحكا المسكينة لم تعرف بما ابتليت، عندما سحبني الحارس من فوق ظهرها، بقيت تنتحب وتندب حظها العاثر، ظنا منها أنني سأصاب بمكروه، جراء ذنبا اقترفته في غفلة من أمرها المفاجأة، هي عندما عدت مساءها، كما حكت لي، دخلت عليها بحافظة من العزف "قفة" بالكاد أجرها، محملة بديك رومي "فروج" و بألذ المأكولات وأطيب الفواكه، ليختتم ريكاردور يوري كلامه قائلا : لا أخفيك كم بكيت يوم توفي السلطان محمد الخامس .... وهكذا عرفت وإلى اليوم بريكاردو الذي حمله السلطان محمد الخامس معه إلى قصره يذكر أن ريكاردو كرسيا يوري مقيم باسبانيا بمدينة "ألكانتي" ومن طقوسه التي لا يفرط فيها قيد أنملة زيارة طنجة على رأس كل سنة، رفقة طنجاوة من مختلف الجنسيات وهو صاحب صفحة على الفيسبوك خاصة بطنجاوة الاسبان تسمى ....دائما طنجة . (*) كاتب وروائي