نسخة أخرى من ظاهرة "شوارع الموت"، تعيش أطوارها مدينة طنجة، منذ أيام مع تواصلي سقوط ضحايا السرعة المفرطة لعربات نقل المستخدمين والنقل المزدوج، حيث سجلت شوارع المدينة خلال الأيام الأخيرة، سقوط ثلاثة أشخاص في مدة زمنية متقاربة، مما يؤشر على أن الأمر بات يأخذ منحى خطيرا. ومساء أمس الأربعاء، اهتز حي "مرشان"، على وقع مقتل طفل لم يتجاوز سنته التاسعة، عندما كان يهم بعبور الشارع نحو الحديقة العمومية، حيث صدمته سيارة للنقل المزدوج كان سائقها يقودها بسرعة "جنونية"، وفق ما أورده شهود من عين المكان. ومما ذكرته مصادر متطابقة، أن السائق "المتهور"، حاول الفرار من مكان الحادث، ما زاد الطين بلة متسببا في تهشيم رأس الضحية، في مشهد وصفه شهود عيان بأنه "غاية في البشاعة"، ووثقته صور ملتقطة للحادث. حادثة يوم أمس الأربعاء، هي الثالثة من نوعها في غضون أقل من أسبوعين، حيث عاش حي "الجيراري"، نهاية الأسبوع الماضي، حادثة سير مماثلة راح ضحيتها طفل آخر كان برفقة والدته. وقبل ذلك ببضع أيام، سقط طفل آخر بحي "سيدي ادريس" في حادث لم تختلف تفاصيله كثيرا. وخلف تكرار هذه الحوادث في الآونة الأخيرة، استنكارا عارما في أوساط الرأي العام المحلي وعموم المواطنين، الذين رجت وسائط التواصل الاجتماعي بتعليقات تعبر عن حالة القلق التي باتوا يحسون بها، حيث رأى الكثيرون أنه لم يعد أي شخص في مأمن في ظل تفاقم "عربدة" سائقي هذه العربات القاتلة. وفي هذا الإطار، يصف حسن الحداد الناشط الحقوقي والفاعل الجمعوي المتتبع للشان المحلي بطنجة، بأن ما تعيشه شوارع المدينة "إرهاب حقيقي على الطريق ممارس في حق ساكنة المدينة من طرف سائقي سيارات نقل العمال". مما خلق حالة من عدم الشعور بالأمن على الطريق، على حد ما جاء في حديث لجريدة طنجة 24 الرقمية. ويربط الحداد، تفاقم هذا المشكل بوجود "لوبي ترعرع وتقوى حتى بات يتحدى جميع السلطات المسؤولة سواء في الولاية أو الجماعة أو وزارة التجهيز والنقل"، مشيرا إلى أنه رغم وضع السلطات لقانون من أجل تنظيم مزاولة هذه مهنة نقل العمال، إلا أن الباطرونا والمستخدمين قاموا بتنظيم إضراب شلل حركة السير والجولان بمدخل المدينة وأثر على سير العادي للشركات بالمناطق الصناعية بالمدينة. "والنتيجة كما يلاحظها الجميع هو تغول مستخدمي سيارات نقل العمال وتجاوزهم لكافة القوانين المعمول بها" يقول حسن الحداد، الذي يرى أن "محاربة آفة ارهاب الشوارع بطنجة الكبرى لن تكون إلا بقوانين زجرية مع عدم التسامح نهائيا لا مع الشركة ولا مع السائق". وبحسب ذات الفاعل الجمعوي، فإن مسؤولية هذه الحوادث القاتلة، تتحملها بشكل مشترك كل من الباطرونا والشركات المقيمة بالمناطق الصناعية السلطة المحلية والمنتخبة والسلطات الأمنية. وأضاف أنه من الضروري " وضع برنامج برؤية مشتركة مع تحديد سقف زمني مع الأحد بعين الاعتبار التصميم المديري للسير والجولان". ومن جملة الحلول التي يراها المتحدث، كفيلة بتجاوز حالة "الإرهاب الطرقي"، هو إلزام الهيئات المهنية بالمناطق الصناعية تحمل مسؤوليتها في نقل عمالها وعاملاتها إلى مقرات عملهم، ما دام أن القطاع الخاص المفوض له أساء وفشل وأصبح يهدد سلامة المواطنين والعمال، على حد سواء.