جهاد بنشقرون – و م ع : حين غادر اسماعيل الفتح مدينة الدارالبيضاء، سعيا لتحقيق الحلم الأمريكي وهو في سن الثامنة عشر، لم يكن يدور بخلده أنه سيرتقي في مجال الرياضة ليصبح أحد أفضل حكام الدوري الأمريكي لكرة القدم. فبفضل بطاقة الإقامة الدائمة "غرين كارد" التي حصل عليها، حل اسماعيل الفتح – الذي أدار أمس الخميس مباراة البرتغال وغانا ضمن المجموعة الثامنة في إطار كأس العالم 2022 في قطر- بالولاياتالمتحدة في العام 2001. كانت بحوزته 200 دولار فقط، لكن أحلامه كانت تبلغ عنان السماء. استقر آنذاك في أوستن (تكساس)، حيث وجد مناخا حارا شبيها بالذي ألفه في بلده المغرب. في سنة 2006، حصل ابن مدينة الدارالبيضاء، على شهادة في الهندسة الميكانيكية من جامعة تكساس، واستطاع بذلك العمل في مبيعات أجهزة الحاسوب. في مدينة أوستن، يعرف الفتح بالتزامه بخدمة المجتمع المحلي، وأيضا بدوره في تعزيز فهم أفضل للمجتمع المسلم. كما أنه عضو نشط ضمن "Soccer Assist" و"Austin Soccer"، وهما منظمتان غير ربحيتين تعملان في التوعية المجتمعية، من خلال بناء ملاعب كرة القدم، والتبرع بالمعدات، وتقديم المنح الدراسية، فضلا عن نقل رسالة الأمل والتضامن للشباب. بدأ اسماعيل، الشغوف بكرة القدم، مساره بالتحكيم في مباريات للشباب والهواة، قبل أن يرتقي ليصبح، في سنة 2009، حكما ضمن بطولة الدوري الأمريكي لكرة القدم. يقول مارك غيغر، مدير منظمة الحكام المحترفين في الدوري الأمريكي، عن اسماعيل إنه "واثق، لكنه ودود للغاية، وأعتقد أن هذه ميزة يقدرها اللاعبون حقا". سبق لاسماعيل الفتح التحكيم خلال مباريات كأس العالم تحت عشرين عاما، والألعاب الأولمبية في طوكيو وأيضا بطولة كأس الكونكاكاف الذهبية. واليوم، يعد الفتح، الذي بلغ عقده الرابع وهو أب لثلاثة أطفال، أحد أفضل حكام الدوري الأمريكي لكرة القدم. وقد حاز، خلال هذه الموسم، لقب حكم السنة في هذه البطولة، وذلك للمرة الثانية خلال ثلاث سنوات. أدار اسماعيل خلال هذا الموسم 28 مباراة في الدوري الأمريكي الشمالي، من بينها النهائي الذي جمع لوس أنجليس واتحاد فيلاديلفيا. وفي المجمل، قام الفتح بتحكيم 193 مباراة. وخلال كأس العالم لكرة القدم، التي تجري حاليا بقطر، أصبح الفتح ثامن أمريكي يتم اختياره حكما في تاريخ هذه المنافسة. إذ ومن أصل مجموعة أولية تضم 350 حكما محترفا دوليا، تم تقليص المجموعة ليبلغ العدد 70، ليتم بعد ذلك انتقاء 36 حكم ميدان خلال اختبار معمق دام ثلاث سنوات ونصف، كان اسماعيل الفتح من بينهم. "إنه حلم أصبح حقيقة"، يقول اسماعيل، ويؤكد "إنه حلم كل حكم. إنه التتويج. فالمشاركة في أبرز حدث رياضي عالمي يعد شرفا. الأمر يبدو ضربا من الخيال". ولبلوغ هذا الهدف، بذل الفتح العديد من التضحيات، وأبان عن عزيمة تحدت كل الاختبارات. فخلال موسم نموذجي، كان يقضي 140 ليلة بعيدا عن أسرته، غير أن جهوده لم تذهب سدى، إذ كان الأمريكي الوحيد الذي يتم اختياره حكم ميدان خلال مونديال قطر. ولا ينوي اسماعيل الفتح التوقف عند هذا الحد، بل يأمل في إدارة مزيد من المباريات خلال هذا المونديال، ولم لا اختياره مرة أخرى لإدارة كأس العالم المقبلة، التي ستقام في عام 2026 في الولاياتالمتحدة والمكسيك وكندا، بما في ذلك المباريات التي ستجرى في هيوستن ودالاس.