يشكل إحياء اليوم العالمي للشعر الذي أعلنته منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) منذ سنة 1999، دعوة مفتوحة للتفكير في قوة اللغة الشعرية وإسهامها في نشر ثقافة السلام، في عالم يتميز بتفاقم العنف والإرهاب ومعاداة الأجانب. ويحتفي اليوم العالمي للشعر، الذي يتم إحياؤه يوم 21 مارس من كل سنة، أحد أشكال التعبير والهوية اللسنية والثقافية الأكثر أهمية بالنسبة للإنسانية. فالشعر، الذي يمارس على مدى التاريخ في كل الثقافات وفي كل القارات، يخاطب الإنسانية الجماعية والقيم المشتركة، بتحويله أبسط الأشعار إلى محرك قوي للحوار والسلام. وأكدت المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا، أنه "في الوقت الذي نواجه فيه التحولات المناخية والفقر والفوارق الاجتماعية، والتطرف العنيف، يظل الشعر، في هذه الأزمنة المضطربة، أكثر ضرورة منه في أي وقت مضى، باعتباره مصدرا للأمل ووسيلة لمشاطرة معنى الحياة على الأرض". وأضافت بوكوفا، في خطاب بمناسبة اليوم العالمي للشعر، أن هذا الأخير، الذي تتم صياغته بالكلمات، وتلوينه بالصور، ونظمه طبقا لبحور معينة، يمتلك سلطة لا تضاهى، هي سلطة خلخلة اليومي الذي نعيشه والتذكير بجمال ما يحيط بنا ومرونة العقل البشري. ووصفت الشعر بكونه نافذة على التنوع المدهش للإنسانية، مشيرة إلى أن هذا الشكل من التعبير فريد من نوعه لأنه يعبر الزمن، والفضاء والثقافات لبلوغ قلوب الناس مباشرة، أنى كانوا. وعلاوة على ذلك، يتيح هذا الفن الانفتاح على الآخرين، وإغناء الحوار الذي يحفز كل التقدم الذي حققته الإنسانية ونسج روابط بين الثقافات. فكل قصيد، مع كونه فريدا من نوعه، يعكس عالمية التجربة الإنسانية ورغبة في الإبداع تتجاوز كل الحدود. واعتبارا لأهمية الشعر في رقي المجتمعات، خصصت المنظومة الدولية هذا اليوم للشعر تكريما لهذا الشكل من التعبير، القديم قدم الإنسانية، الذي يسهم في التعدد الإبداعي، بمساءلته من جديد استعمالنا للألفاظ والأشياء، وأنماط إدراكنا وفهمنا للعالم. فمن خلال ترابطات اللغة الشعرية، ومجازاتها، ونحوها الخاص، يمكن لها أن تشكل وجها آخر للحوار بين الثقافات. وفي المغرب، يبرز إحياء هذا اليوم تطور الحركة الشعرية، وتضاعف الأنشطة الشعرية وتزايد عدد الشعراء. وبالفعل، فإن الحركات الشعرية بالمغرب عززت ثقافة السلام والتعايش السلمي، المتجذرة في صلب المجتمع المغربي منذ فجر الأزمنة لتجعل من المملكة بلدا ذا ثراء ثقافي متميز تفاعلت فيه كل الحضارات التي تعاقبت عليه. ومن خلال تخصيص يوم للشعر، يتم الإسهام في بعث التقليد الشفهي للقراءات الشعرية، والنهوض بالقراءة، والكتابة، وتلقين الشعر، وتشجيع التقارب بين الشعر والفنون الأخرى كالمسرح والرقص والموسيقى والتشكيل، وكذا الرفع من نسبة بروز الشعر في وسائط الاتصال. *و م ع