نقاش متجدد يصاحب الاحتفال باليوم العالمي للمرأة الذي يصادف ثامن مارس من كل سنة بين منوهين بالتقدم الذي أحرزه المغرب على مستوى رفع التمثيلية السياسية للنساء وبين من يعتبر أن هذا التقدم لم يمكن من تجاوز النقص الحاصل في ولوج المرأة لمراكز القرار السياسي. و يرى المتتبعون للشأن السياسي أنه لا ينازع أحد في كون المغرب حقق قفزة نوعية في النهوض بأوضاع النساء ، خاصة في المجال السياسي باعتماده بعض الآليات لتطوير التمثيلية السياسية للمرأة ، وهو ما جعله يحتل مراتب متقدمة على الصعيدين الاقليمي والعربي. غير أن الرفع من تمثيلية النساء في مراكز القرار باعتبارها مدخل لتجويد الممارسة السياسية بالمغرب لايزال يحتاج الكثير من العمل لرفع بعض المعيقات، حسب نبيلة منيب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد . وأوضحت منيب، أنه كي تصبح النساء مؤثرات في صنع واتخاذ القرار، لاسيما السياسي يجب أن يكن ممثلات بنسبة الثلث في المجالس المنتخبة والمؤسسات التمثيلية في أفق الوصول للمناصفة الذي يشكل الترجمة الحقيقية للديمقراطية . وأكدت أن بلوغ نسبة الثلث في تمثيلية النساء يتطلب رفع بعض التحديات المتجلية أساسا في توفر إرادة حقيقية للتغيير الديمقراطي و إحقاق الحقوق الكاملة سواء بالنسبة للنساء أو الرجال وعلى رأسها الحق في التمكين المعرفي وفي الولوج للثقافة السياسية والعمل على تغيير العقليات عبر مناهضة الهيمنة الذكورية في المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية ثم الاقتصادية . كما شددت على ضرورة تفعيل آلياتي التأسيس لثقافة المساواة وثقافة المواطنة من خلال إحداث مدرسة عصرية ومتطورة وإعلام متقدم بعيد عن الصور النمطية للمرأة، مشيرة إلى وجود تباين اليوم بين الواقع الذي تعيشه المرأة المتجسد في تفوقها على مختلف المستويات وبين ضعف التشريع وآليات التمييز الإيجابي الكفيلة بتمكين المرأة من من الوصول إلى مراكز القرار السياسي بنسب تفوق 30 في المائة . أما النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب عبد الله بوانو فقد أكد، من جهته، على أهمية مراجعة الترسانة القانونية في جميع المجالات لضمان حضور يتسم بالقوة والفعالية في صنع واتخاذ القرار السياسي. وأضاف بوانو ، أنه بالرغم من المجهودات المبذولة سياسا ، خاصة على مستوى القانون التنظيمي للأحزاب السياسية لايزال ولوج النساء الى الهيئات التقريرية للأحزاب محدودا، مضيفا أن المبادرات المتخذة والرامية أساسا إلى رفع تمثلية النساء يجب أن لا تقتصر على ولوج المرأة للمكاتب السياسية الوطنية بل ان تهم جميع المستويات الحزبية، لاسيما على المستوى المحلي . ومن أجل تدارك هذا النقص الحاصل في التمكين السياسي للمرأة بالمغرب، قال السيد بوانو إن الحكومة المقبلة ملزمة بضمان تقلد النساء لعدد مهم من المناصب الوزارية، مبرزا أن تصريحات رئيس الحكومة المعين عبد الإله ابن كيران تفاعلا مع هذا الموضوع جد مبشرة. من جانبه، سجل أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط عباس الوردي في تحليل لحصيلة المشاركة السياسية للمرأة المغربية منذ الاستقلال إلى حدود الآن ، وجود تصاعد ملحوظ للنساء في المؤسسة التشريعيةا ليتقلدن في ما بعد مناصب المسؤولية في الجهاز التنفيذي وهو ما يعتبر مكسبا حقيقيا للنساء المغربيات، وأشار هذا الأستاذ الجامعي إلى هذا أن المنحى التصاعدي في التمثيلية النسائية تحقق بالأساس بفضل تأكيد الملك محمد السادس في خطبه السامية في عدة مناسبات، على ضرورة إشراك المرأة في الحياة السياسية وتأسيس صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء، وكذا اعتماد الكوطا بالبرلمان من خلال اللائحة الوطنية للنساء التي أعطت دفعة قوية لضمان مشاركة سلسلة لهن في تدبير قضايا الشأن العام . وحسب الوردي فإن هذه الدعوة إلى الرفع من التمثيلية النسائية تجد مقوماتها في مجموعة من مقتضيات دستور 2011، خاصة الفصل (19) الذي ينص على مبدا المناصفة بين الرجال والنساء في الحقوق والواجبات، والفصل (7 ) الذي حدد مهمة الأحزاب السياسية في القيام بعملية تأطير المواطنات والمواطنين من أجل إشراكهم في تدبير الشأن العام . وليس هناك مجال للشك بأن المغرب حقق العديد من المكتسبات على مستوى رفع التمثيلية السياسية للنساء ويمضي قدما و بخطى ثابتة على درب ضمان التمكين السياسي للمرأة والتدرج في ولوجها لمراكز القرار السياسي والإداري ، لكن تحقيق هذا الهدف بشكل أمثل يتطلب أساسا التنزيل السليم للمقتضيات الدستورية ورفع بعض المعيقات الاجتماعية والسياسية على الخصوص لتطوير مساهمة المرأة في البناء الديمقراطي بالمغرب. * و م ع