المحكمة تقرر تأخير محاكمة حامي الدين في قضية آيت الجيد وتأمر باستدعاء الشاهد خمار الحديوي (صور)    أونسا يوضح إجراءات استيراد الأبقار والأغنام            استيراد الأبقار والأغنام في المغرب يتجاوز 1.5 مليون رأس خلال عامين        تقرير : على دول إفريقيا أن تعزز أمنها السيبراني لصد التحكم الخارجي    6 قتلى في هجوم مسلح على حانة في المكسيك    الكاف يُعاقب مولودية الجزائر بحرمانه من جماهيره وغرامة مالية ثقيلة    مدرب مانشيستر يونايتد يشيد بأداء نصير مزراوي بعد التعادل أمام إيبسويتش تاون    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    كيوسك الإثنين | الخارجية تكشف عن الإجراءات المتخذة لمكافحة "سماسرة" الفيزا    جمعية تنتقد استمرار هدر الزمن التشريعي والسياسي اتجاه مختلف قضايا المرأة بالمغرب    سلا.. توقيف شخصين بينهما سيدة بحوزتهما 3196 قرص من "الريفوتريل" و"الإكستازي"    مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    من جديد يعود الكعبي ليسجل اول هاتريك في الدوري اليوناني …    تصريحات حول حكيم زياش تضع محللة هولندية في مرمى الانتقادات والتهديدات    رياض مزور يترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش    الاشتراكي الموحد يرحب بقرار اعتقال نتنياهو ويصفه ب"المنصف لدماء الشهداء"    تحالف دول الساحل يقرر توحيد جواز السفر والهوية..    "الكونفدرالية" تتهم الحكومة ب"التملص" من التزاماتها بعد تأخر جولة شتنبر للحوار الاجتماعي    شمس الحقيقة ستسطع مهما طال ليل التعتيم        اطلاق الحملة الوطنية التحسيسية لوقف العنف ضد النساء والفتيات    الإمارات تلقي القبض على 3 مشتبه بهم في مقتل "حاخام" إسرائيلي    انطلاق حظر في المالديف يمنع دخول السجائر الإلكترونية مع السياح    بسبب ضوضاء الأطفال .. مسنة بيضاء تقتل جارتها السوداء في فلوريدا    محام صنصال: الجزائر تنتهك الحريات    جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز بوينغ 787-9 دريملاينر    الاعلام الإيطالي يواكب بقوة قرار بنما تعليق علاقاتها مع البوليساريو: انتصار للدبلوماسية المغربية    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    أزمة ثقة أم قرار متسرع؟.. جدل حول تغيير حارس اتحاد طنجة ريان أزواغ    موتمر كوب29… المغرب يبصم على مشاركة متميزة    جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هروب الباشا
نشر في طنجة 24 يوم 02 - 07 - 2022

غير بعيد عن مطحنة "بن غوا" العملاقة يقع بيته المتواضع. يجلس المختار على عتبة الدار مداعبا قطته المدللة "ريما". فجأة، شرد ذهنه وانتابه إحساس غريب، وقد اعتلت محياه سحابة حزن. أخذت القطة تموء بين ذراعيه على غير عادتها، وكأن قلبها يحدثها عن شيء فظيع ما سيحدث.
بعد سويعة من الزمن، دلف المختار إلى بيته وهو في حالة اضطراب وتردد. قام بإطعام قطته الجميلة أولا، قبل أن يجلس إلى طاولة خشبية مستديرة متربعا رجليه. لبث لحظات طويلة يحدق في صحن فاصوليا مع سردين مقلي.
كانت الشمس ساطعة في كبد السماء، وساعة الحائط تشير الى الثانية زوالا. شرع المختار في التهام طعامه بنهم. من مألوف عادته أن يشغل المذياع لسماع أخبار الظهيرة أثناء تناوله وجبة الغذاء.
تلقف خبرا صاعقا أذاعه راديو طنجة الدولية. اهتز كيانه وخفق قلبه. أحجم عن الأكل. وفجأة شعر بأنه شبع. ذلك أنه تذكر صديقه المخزني رابح، أحد حراس الباشا الغلاظ ذي بشرة سوداء وجثة ضخمة. يلقبه العرائشيون ب "عبد الباشا".
مفاد الخبر:
" تعرض موكب باشا العرائش لهجوم عنيف من طرف فلاحين ومحتجين بسوق ثلاثاء ريصانة، تم من خلاله تبادل إطلاق نار بين فرقة مسلحة مجهولة الهوية وحاشية الباشا، مما خلف ضحايا في بعض الأرواح، هرب على إثرها الباشا مع مرافقيه على متن سيارتين (جيب) رباعيتي الدفع إلى وجهة غير معروفة، مخلفين وراءهم أحد المخازنية ليلقى مصرعه فورا على يد مهاجمين غاضبين بعدما نفذت ذخيرته ".
لم يصدق المختار ما سمعه من خبر، استبدت به نشوة الفضول، وإذا به يغادر بيته، ليهرع مسرعا نحو الإقامة الباشوية لاستجلاء الأمر.
بينما هو يسير محاذيا لمقهى كواطرو كامينو، كانت تصل أصداء طلقات البنادق إلى سمعه. عن بعد، كان الرصاص يلعلع في السماء بكثافة. توجه المختار نحو شارع فيكتوريا الفسيح كما كان يسمى زمن الإسبان، مقتربا من مصدر إطلاق النار بخطى وئيدة، ثم وقف بقامته القصيرة وسط زحام شديد مشرئبا بعنقه، مصوبا بصره نحو دار الباشا، وقد اتسعت عيناه في ارتياع، لا يكاد يصدق ما يرى من هول! حتى خيل إليه أنه يشاهد فيلم رعب أمريكي يجري تصوير لقطاته أمام ناظريه.
كان يوم الثلاثاء، منتصف النهار، يوم ليس كباقي الأيام من تاريخ المدينة. بمجرد ما تم فيه إعلان الاستقلال، حتى دقت ساعة الصفر، وحل وقت تصفية الحساب مع الخصوم. خرج الناس غاضبين، صارخين، شاهرين كل أنواع أسلحتهم. بالعصي، والخناجر، والفؤوس، والبنادق في عملية اصطياد "الخونة".
كان يوم فزع! يوم حرق الجثث! يوم ساد فيه قانون الغاب، وهيمنت فيه أجواء الإنتقام!
كتل من الدخان الأسود تتصاعد في الفضاء. احتشدت جماهير غاضبة في ساحة اسبانيا، وهم في حالة هيجان مريع، ما لبثوا أن هبوا مندفعين في هستيريا صاخبة نحو دار الباشا، يهتفون بأعلى حناجرهم هتافات معادية للباشا:
– ساط باط الريسوني تحت الصباط!
– الله يرحم الشهداء، الاستقلال هو هذا!
عمت الفوضى في كل مكان، لا سلطة ولا قانون يحكم المدينة.
وقتئذ، أقدم الإسبان على قطع خطوط الهاتف، وهرب الباشا مع أسرته مذعورا، فارا بجلده من الباب الخلفي المطل على المقبرة، رفقة أعوانه الأوفياء، تجاه مدينة سبتة.
في ذلك الصباح، ركب الشيطان رأس الباشا واعتزم زيارة سوق ريصانة بضواحي العرائش مع وفده المقرب، وكأنه كان يقصد معاكسة الحزب القوي.
وفي خطوة غير محسوبة، اعتلى الريسوني المنصة ليخطب في الفلاحين ومئات الوافدين على السوق الأسبوعي من شتى القبائل المجاورة. ما أن بدأ خطابه حتى أخذ الصفير والصياح يجلجل في السماء، لعله خطب في الناس بلغة ما قبل الاستقلال. تصاعدت حدة الاحتجاجات وزحفت الجماهير نحو المنصة تهتف بحماس:
– عاش السلطان!
– يسقط الباشا!
أصيب الريسوني بارتباك شديد، حينها شرع مرافقوه في إطلاق النار على المحتجين والثائرين.
ظل المخزني رابح وحيدا يطلق النار بلا هوادة لإيقاف الزحف. إذ قام بالتغطية على انسحاب موكب الباشا مضحيا بنفسه، إلى أن تمكنوا من امتطاء سياراتهم والفرار بأرواحهم. وعندما نفذت ذخيرته أصبح عاريا. من أين له مواجهة عشرات المسلحين بالعصي والخناجر وهو شخص أعزل. اعتراه رعب فائق، حاول الهروب إلى إحدى دهاليز السوق، لكن المهاجمين لاحقوه وأمطروه بالحجارة. حاصروه وقبضوا عليه، بدأ المسكين يستعطفهم، لكن دون جدوى، قلوبهم كانت أقسى من الحجارة، هووا عليه بهراواتهم من دون رحمة. أخذت الدماء تسيل على وجهه. كلما ازداد رابح توسلا كلما ازداد المهاجمون عنفا وهيجانا. وفي خطوة مفاجئة، اندفع أحد أقرباء الجريح "صمود" الذي أصابته رصاص...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.