– محسن الصمدي (صور زكرياء العشيري) بلمسات بسيطة وحركات متقنة، يغرس مصطفى أنامله في قطعة من الطين اللين ليحوله بعد مجهود كبير إلى شكل هندسي صالح للاستعمال في كل من المطبخ والديكور، مساهما بذلك في إحياء صنعة تقليدية قديمة إختارت طنجة للتألق مجددا والإنتقال الطابع المحلي إلى غزو الأسواق العالمية. وتعتبر المنتوجات المصنوعة من مادتي الفخار والخزف جزء مهما من ديكور وأواني المطبخ المغربي، حيث لا يخلو أي منزل من منازل المملكة من أحدى هذه المنتوجات، وذلك راجع لارتباطها بالتقاليد والعادات المغربية الأصيلة وكذا لأهميتها في الحياة اليومية، سواء في الطبخ أو التقديم أو حتى التزيين. وتعد حرفة صناعة الفخار من بين الحرف التي اشتهرت بها المدن المتواجدة بوسط المملكة كمدينتي أسفي وفاس، إلا أنه وبفعل تطور المجال وتبادل الخبرات، برزت مجموعة من الأسماء بمناطق أخرى حملت المشعل وأبدعت أشكال جديدة أعادت إحياء هذه المهنة، وجعلت من مدينة طنجة منطلقا لها نحو الاحترافية والعالمية. فغير بعيد عن وسط المدينة، إختارت إحدى المقاولات المحلية الاتجاه نحو تجديد المجال وتطعيمه بالعناصر الشابة، من أجل الخروج به نحو العالمية، حيث جهزت مصنعا متكاملا بوسائل حديثة قصد تسهيل العملية الإعداد وتسريع وثيرة الإنتاج والخروج بمنتوج احترافي يحترم المعايير الدولي الخاصة بالصحة والجودة. وأوضح مصطفى، الذي يعتبر من بين أقدم الصانعين في هذه الحرفة، أن مراكمته لتجربة امتدت لأزيد من ثلاثين سنة جعلته يدرك أن التحديث والتجديد هو أساس استمرارية أي مجال كيفما كان، بالإضافة إلى الدعم والتمسك بالطاقات الشابة وكذا قدماء الحرفيين من أجل ضمان عدم إنتهاء جيل الصناع والحرفيين المتخصصين في هذه الحرفة. وأضاف مصطفى، أن هذه الحرفة ينقصها فقط الدعم والتشجيع من طرف الجهات الوصية، حيث ناشد بهذا الخصوص كل من وزارة السياحة ووزارة الخارجية من أجل التدخل لنشر هذه المنتوجات والاعتماد عليها في الترويج للمملكة وحرفها التقليدية الأصيلة، وهو الأمر الذي سينعكس بالإيجاب على القطاع وصناعه. من جهته أكد إبراهيم العزاوي، أحد العاملين بالمقاولة، أن هذه الحرفة أصبحت تجذب الشباب أيضا إليها وذلك نظرا لتطورها وإعتمادها على أليات جديدة لم تكن متوفرة في السابق، حيث لم تعد هذه الأخيرة متوقفة فقط على مدى براعة الحرفي وإتقانه لعمله بل أصبح الأمر يتجاوز ذلك بإعتماد التكنولوجيات الحديثة في إنتاج منتوجات جديدة تواكب كل من أصالة وعراقة الحرفة وكذا متطلبات العصر. وأضاف إبراهيم، أن تطور هذا المجال وتحديثه جعل من الضروري تجديد المنتجات عبر الإعتماد على البحث والإبتكار لإدراج تصاميم جديدة في خانة المنتوجات التقليدية، وهو الأمر الذي يضفي نفسا جديدا على هذا المجال العريق. وساهمت المنتوجات الجديدة التي أبدعتها أنامل صناع هذه المقاولة، في التعريف بهذه الصنعة على الصعيد العالمي حيث إنتشرت منتوجاتها في كل من أوروبا وبعض الدول الخليجية، بطابع مميز وخاص في أسفلها يحمل علامة مغارة هرقل المميزة لمدينة طنجة بصفة خاصة والمغرب على وجه العموم.