عبر عدد من الخبراء والأكاديميين بمدينة طنجة، مساء اليوم الجمعة، عن كون إعادة الثقة للمواطنين في مؤسسة القضاء، أصبح أمرا ضروريا في وقتنا الحالي، نظرا للإكراهات العديدة التي باتت تهدد الأمن القضائي في المملكة، والذي يعتبر من الركائز الأساسية لإحلال العدل والمساواة بين الجميع. وأظهر المتدخلون، في الندوة العلمية التي نظمها كل من المركز الوطني للمصاحبة القانونية وحقوق الإنسان بشراكة مع الجمعية الأمريكية للمحامون والقضاة، في إطار مشروع تحسيس مواطنات ومواطني مدينة طنجة بحقوقهم وواجباتهم في مجال العدالة الجنائية، إستعدادهم الجاد لتوحيد الجهود من أجل تحقيق أمن قضائي. وأكدت الدكتورة سعاد حميدي، رئيسة الفرع الجهوي للمركز الوطني للمصاحبة القانونية وحقوق الإنسان، أن هذه الندوة العلمية، التي تم إنجازها بشراكة مع الودادية الحسنية للقضاة، وهيئة المحامين بطنجة، وودادية موظفي وزارة العدل، والهيأة المركزية للوقاية من الرشوة، والمركز المغربي للمصاحبة القانونية وكذا جمعية التضامن للتنمية والمرأة، تروم تعزيز مستوى الإدراك لدى المواطنين والمواطنات بحقوقهم وواجباتهم في مجال العدالة الجنائية وتحسين نظرة الساكنة اتجاه مرفق العدالة، والمساهمة في الحد من الاستخدام المنهجي للرشوة في هذا القطاع، وتعزيز مفهوم العدالة لدى المواطنين، تحقيقا للأمن القضائي. وأوضحت الأستاذة الجامعية، أن هذه الندوة، تعتبر مرحلة ضمن مشروع كبير سيمتد إلى غاية شهر يونيو 2017، والذي يسعى إلى الرفع من نسبة تحسيس المواطنين بواجباتهم وحقوقهم من أجل تفادي لجوئهم إلى سلوكات غير قانونية في إطار تعاملهم مع القضاء، وذلك من خلال تعريف بكل من الأمن القضائي وحقوق الضحية وحقوق المشتبه فيه، بالإضافة إلى ضمانات المتهم وحماية الشهود والمبلغين. وبخصوص الأمن القضائي بالمملكة، فقد أكد إدريس شوراد ممثل الودادية الحسنية للقضاة، أن الترسانة القانونية وحدها ليست كافية للرقي بقطاع العدالة وتحقيق الأمن القضائي، مضيفا في هذا الصدد أنه يجب تحسين الخدمات والضمانات المقدمة وكذا الرفع من جودة الأحكام في سبيل تحقيق ذلك. وأضاف شوراد، في مداخلة له تحت عنوان "الأمن القضائي بالمغرب"، أن إستقلال القضاء وكذا تحديثه وتطويره يعتبران من بين الركائز الأساسية للوصول إلى أمن قضائي شامل بالمملكة ووسيلة لإعادة الثقة للمواطنين في المؤسسة القضائية، وذلك يتجلى بالأساس في تكريس مبدأ فصل السلط وإدخال التكنولجيات الحديثة إلى هذا القطاع الهام. من جهته أوضح الأشقر المظفر، عضو اللجنة الجهوية لودادية موظفي وزارة العدل، أن الأمن القضائي لم يحظى بالإهتمام والدراسات الكافية، رغم أهميته الكبيرة وكونه ضمانة من الضمانات الأساسية لإحلال العدل داخل الدول. وحاول الأشقر في مداخلته توضيح مفهوم الأمن القضائي، حيث أكد أن هذا الأخير يعتبر فرعا من فروع الأمن القانوني، وهو بالأساس الشعور الداخلي الذي يمكن المواطنين من الثقة في المؤسسات القضائية، كما أنه يشكل حماية لكل من السلطات والمتقاضين وكذا باقي الأطراف والمتدخلين. أما هيئة المحامين بطنجة، فقد عبرت من خلال ممثلها أنور البلوقي، عن كون المحامي طرف أساسي في تكريس مبادئ الأمن القضائي وتنزيلها على الأرض الواقع، وذلك لتعامله المباشر مع المواطنين ومختلف المتدخلين، مؤكدا في الوقت ذاته أن هذا الورش مفتوح للجميع من ضمنهم المحامون، حيث سيحاول هؤلاء القيام بدورهم على أكمل وجه في سبيل تحقيق أمن قضائي شامل. وبخصوص كون الفساد أهم العوائق التي تحد من تحقيق الأمن القضائي، فقد أوضح عبد الحق سرمق رئيس وحدة معالجة الشكايات عن الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، أن هذا الأخير يعتبر فعلا أكبر مهدد لإستقرار المجتمعات بصفة عامة، نظرا لتسببه في إبعاد الناس عن القضاء وإفقادهم الثقة فيه، بسبب بعض الممارسات اللا أخلاقية التي يقوم بها بعض الموظفين ويساعدهم على ذلك المواطنون أيضا. وأضاف سرمق، أن محاربة الفساد يعتبر من أبرز الأليات التي تساعد على إحلال الأمن القضائي، حيث أم القضاء على الفساد ومسبباته سيساهم في خلق عدالة حقيقية ويضمن ولوجا متساويا وعادلا للمواطنين لمؤسسات القضاء. بدوره أبرز الأستاذ حسن الزرداني، ممثل المركز الوطني للمصاحبة القانونية وحقوق الإنسان، كون مرفق القضاء يعتبر أيضا من المرافق الإدارية التي عناها الملك محمد السادس في خطابه الأخير بمناسبة إفتتاح السنة التشريعية الجديدة، مؤكدا أنه يجب إيلاء إهتمام أكثر به والسعي نحو تحقيق أمن قضائي بإعادة الثقة للمواطنين ومساعدتهم على الوصول إلى هذا المرفق. وتأتي هذه الندوة العلمية، حسب يوسف الفلاح، نائب مدير الجمعية الأمريكية للمحامين والقضاة، مباشرة بعد مجموعة من الخطوات التي تندرج في نفس المشروع، والتي تمثلت في تنظيم أبواب مفتوحة في محاكم طنجة بهدف تمكين المتقاضين من التعرف والاستفسار عن حقوقهم وواجباتهم عند تعاطيهم وتعاملهم مع العدالة الجنائية، إلى جانب توزيع منشورات تتطرق لموضوع الحملة بالمحاكم، مضيفا في الوقت ذاته أن المشروع يتضمن مراحل أخرى كإعداد برامج إذاعية ينشطها قضاة ومحامون ومتمرسون قانونيون لتوضيح رسائل هذه الحملة لفائدة المستمعين.