استعرض خبراء مغاربة وأجانب، أمس الجمعة بمدينة طنجة، آليات وأهداف التعاون القضائي الدولي، في إطار ندوة نظمتها، على مدى يومين، هيئة المحامين بمدينة البوغاز تحت شعار "العدالة والتعاون القضائي الدولي ..أية علاقة". وقال نقيب هيئة المحامين بطنجة السيد أحمد الطاهري، في كلمة بالمناسبة، إن هذا اللقاء يسعى إلى طرح وجهات نظر مختلف المتدخلين في مجال العدالة والقضاء في موضوع "التعاون القضائي "، الذي يستأثر حاليا باهتمام المجتمع الدولي ويستدعي تضافر جهود دول العالم وانسجام الممارسات القضائية المؤسساتية، وكذا إرساء عدالة دولية تضمن الحماية والحقوق لمواطني العالم وتوفر الحلول الناجعة للقضايا الراهنة. وفي نفس السياق، أكد الخبراء أن التعاون القضائي على الصعيد الدولي والإقليمي أضحى ضرورة حتمية، خاصة مع تنامي ظواهر متنوعة وخطيرة تهدد أمن وسلامة مختلف دول المعمور، وتفشي الإرهاب والجريمة المنظمة وتهريب المخدرات والجرائم الالكترونية، معتبرين أن هذا التعاون يفرض نفسه أكثر من أي وقت مضى في ظل أوضاع هشة وبؤر توتر تعرفها مناطق كثيرة من العالم. وأوضحوا أن التعاون القضائي بين الدول لا يفرض نفسه في الجانب الأمني فقط وإنما أصبح من الضروريات الأساسية لتأطير العلاقات الاقتصادية والمالية والمعاملات التجارية بين الدول المعنية، خاصة وأن الاستثمارات أخذت، في العشرين سنة الأخيرة على الخصوص، طابعا عالميا مع تزايد الشركات والمقاولات المتعددة الجنسيات، مضيفين أن موقع العدالة والقضاء يفرض نفسه لضبط هذه المعاملات وتأطيرها بشكل يضمن الحقوق لأصحابها ويحدد الواجبات، سواء بالنسبة للأشخاص أو المؤسسات أو الدول أو التنظيمات الاقليمية والوطنية. واعتبر المشاركون أن أهمية التعاون القضائي الدولي الثنائي أو متعدد الأطراف في جانبه التقني والعلمي تكمن أيضا في تمكين مختلف الدول من تبادل التجارب والمعلومات والمعطيات والاجتهادات القضائية، وتسهيل التواصل القانوني وتسريع تداول المعلومات القانونية والاطلاع على الآليات الحديثة المرصودة لخدمة هذا التعاون، فضلا عن الاطلاع على مستجدات التشريع وسن القوانين والآليات المؤطرة له، مما يساعد العديد من الدول على تطوير ترسانتها القانونية الوطنية وتحديث الإدارة القضائية واستباق بعض القضايا والظواهر التي تتطلب وتحتاج إلى ملاءمة قانونية لتأطيرها أو مواجهتها. وشكلت هذه التظاهرة الفكرية مناسبة لاستعراض علاقة التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا وإسبانيا وبلجيكا، والتجارب الخاصة بممارسة قاضي الاتصال لمهامه الرامية بالأساس إلى تحسين معالجة ملفات التعاون الجنائي أو المدني مع ضمان جودة التواصل ومتابعة لجان الإنابة القضائية الدولية الصادرة عن السلطات القضائية في البلدان المعنية، وتقديم المشورة القانونية والدعم القضائي في ملفات خاصة لعامة الناس. وأوضح المتدخلون في هذا الجانب أن مهام قاضي الاتصال، بالإضافة إلى طابعها التقني وإشرافها على تنفيذ المقررات القضائية، من شأنها تعزيز الثقة المتبادلة بين المؤسسات القضائية وتنمية وتمتين العلاقات المؤسساتية بين الدول والحرص على ضمان حقوق مواطني البلدان المعنية. ورغم تطور التعاون القضائي بين دول العالم، إلا أن هذا النوع من التعاون لا زال يحتاج، حسب المتدخلين، إلى دعم أكثر واهتمام أوفر للتصدي للمخاطر البالغة التي تهدد العالم والتي تستلزم فرض احترام القانون في ظل أوضاع هشة يعيشها العالم، على أساس أن يكون التعاون بين الدول في هذا المجال تعاونا عادلا ومتوازنا ومنصفا وغير متحيز لأي طرف. وتضمن برنامج الندوة مواضيع متعددة منها، "المساعدة القانونية المتبادلة وتسليم المجرمين واليات التعاون القضائي الدولي "، و"محاربة الجرائم المنظمة ..التعاون المغربي الاسباني نموذجا" و"الجرائم الالكترونية ..الواقع والرهانات " و"دور ومهام قاضي الاتصال والتعاون الدولي في المجالات المدنية والجنائية" و"التعاون القضائي ..المبادئ والممارسات" . وسبق لهيئة المحامين بطنجة أن نظمت ندوتين دوليتين خلال السنتين الأخيرتين تناولتا "الحق في الولوج إلى المعلومة" و"الوضع المتقدم للمغرب لدى الاتحاد الأوروبي".