ناقش المشاركون في الجلسة الثانية للندوة الدولية حول "العدالة الجنائية بين أزمة الانتقائية ومطلب التخليق" يوم السبت بالرباط، إشكالية الملاحقة القانونية لمجرمي الحرب بين القضاء الجنائي الدولي والمحاكم الوطنية ذات الاختصاص الجنائي العالمي. وأوضح المتدخلون أن المتابعة القضائية لمرتكبي جرائم الحرب الإسرائيلية خلال الحرب الأخيرة في غزة، تنبني على وقائع صارخة وثقها تقرير مجلس حقوق الإنسان الذي أعده القاضي غولدستون، وتقرير الجامعة العربية، وتقرير المفوضية العليا لحقوق الإنسان، مما يمثل تقدما هاما في اتجاه مواجهة الإفلات من العقاب. كما أشار المتدخلون إلى أن العدوان على غزة أثار نقاشا عميقا حول حقيقة الإرادة السياسية للدول لتحقيق العدالة الجنائية الدولية، واستقلال المحكمة الجنائية الدولية والمساواة، داعين لمواصلة النضال على جميع المستويات من أجل إقرار عدالة دولية نزيهة. وفي ما يتعلق بالاختصاص الكوني للمحاكم الوطنية، أكد المتدخلون أن تفعيل هذه الآلية في الدول التي تعتمدها، غالبا ما يصطدم بعراقيل وضغوط سياسية كانت السبب وراء تعديل جوهري قلص من الاختصاص الكوني للمحاكم البلجيكية سنة2003 وأثارت جدلا في دول أخرى كإسبانيا. كما أبرزوا أن مستقبل العدالة الجنائية الدولية يمكن استشرافه على ضوء تغيير الهياكل القانونية والمؤسساتية التي تحكم العمل الدولي، خاصة منظمة الأممالمتحدة، لأن لها تأثيرا مباشرا أو غير مباشر على إدارة الصراعات عبر العالم. وذكر المتدخلون الأساتذة جول دوفير (محامي فرنسي) وخالد السفياني (حقوقي مغربي) وزكرياء أبو الذهب وعبد الرحيم المصلوحي (استاذان جامعيان) أن نظم العدالة الجنائية الدولية ليست موحدة ونمطية، وإنما تتراوح ما بين القضاء الدائم ذي الاختصاص الكوني (المحكمة الجنائية الدولية)، والقضاء الانتقالي في إطار مسلسل المصالحة الوطنية الذي يرمي لجبر الضرر وليس المحاسبة أو العقاب. يذكر أن هذه الندوة الدولية، التي نظمها منتدى الحكمة للمفكرين والباحثين بتعاون مع منظمة (الإيسيسكو) وكلية الحقوق أكدال، عرفت مشاركة أساتذة ومحامين من فلسطين وفرنسا وبريطانيا بالإضافة إلى المغرب.