قرر المغرب منتصف يونيو الماضي، تخفيف قيود التنقل من وإلى المملكة، واستئناف الرحلات الجوية والبحرية، بعد أزيد من سنة على إغلاق مجاله الجوي في وجه المسافرين. الإجراء الذي اتخذته الحكومة بعد توسيع حملات التلقيح، هدف بالدرجة الأولى تسهيل عودة المغاربة المغتربين (أصحاب ثاني مصدر للعملة الصعبة)، إلى بلدهم لقضاء العطلة السنوية. كذلك، أراد المغرب من التخفيف أن تشكل عودتهم جرعة أمل لقطاع السياحة، الذي عانى من تبعات جائحة فيروس كورونا، واستقبال السياحة الأجنبية. واستقبلت البلاد خلال الربع الأول من السنة الماضية، أقل من 3 ملايين سائح، قبل أن تدخل في دوامة من الإجراءات المقيدة للسفر، وإقرار الحجر العام، وحالة الطوارئ الصحية. فيما استقبلت في كامل عام 2019 حوالي 13 مليون سائح لتسجل المملكة تراجعا قدرته وزارة السياحة ب 77 بالمئة خلال 2020 مقارنة مع 2019. إنعاش الاقتصاد جولة قصيرة في بعض الوجهات السياحية الساحلية، تشير إلى أن قلب بعض المدن والقرى السياحية عاد لينبض من جديد. وحيثما ولى الزائر وجهه، يلمح وسطاء تأجير الشقق المفروشة يعرضون خدماتهم، كما أن حافلات نقل السياح في اتجاه بعض الفنادق المصنفة، استعادت نشاطها. وقال عدد من الوسطاء والعاملين في القطاع، بمختلف المهن السياحية، إن الحياة بدأت تدب من جديد في المدينة التي تعتمد بشكل شبه كلي على النشاط السياحي، وعلى السياحة الوافدة من الخارج والداخل. وقال منير قوديجي، وهو عضو بالجمعية الجهوية لوكالات الأسفار بجهة الشرق ، إن استقبال السياح هذا الموسم، أمر ضروري ومهم، وسيعطي دفعة قوية للقطاع، بالنظر لتبعات الأزمة التي عاشها. كانت الحكومة قد تدخلت لدعم قطاع السياحة، عبر ضمان استمرار الدعم المادي الشهري المقدم للعاملين في القطاع السياحي، حفاظا على مناصب الشغل. ووفق إحصائيات وزارة السياحة، حقق القطاع في 2019 مداخيل بالعملة الصعبة بلغت قيمتها 78 مليار درهم. وأضاف قوديجي، أن الآثار المادية المباشرة لعودة الروح إلى القطاع من جديد، سينعكس بالدرجة الأولى على وكالات الأسفار وعلى المهن المرتبطة بها، وبالخصوص النقل السياحي والقطاع الفندقي. ورغم تخفيف قيود السفر، إلا أن أسعار التذاكر التي طرحت في الأيام الأولى من تخفيف قيود السفر، لم تكن مغرية على الإطلاق، إذ بلغت حينها مستويات قياسية، تجاوزت بالنسبة للقادمين من بعض الوجهات ألفي دولار لتذكرة ذهاب وعودة. هذا الارتفاع، دفع محمد السادس، إلى توجيه تعليماته لجعل الأسعار مناسبة، على متن الناقل الوطني في قطاع الطيران، وهي شركة الخطوط الملكية الجوية المغربية. وقال عبد الله هامل، برلماني عن كتلة العدالة والتنمية، إن المبادرة التي نتج عنها تخفيض أسعار التذاكر عبر الطيران المغربي، ودعم المغاربة القادمين عبر رحلات بحرية بمنح مالية، شجع الإقبال على القدوم إلى المغرب. وأضاف، أن الإقبال يعني بشكل بديهي، زيادة الاستهلاك، وبما أن الأمر يرتبط أكثر بالسياح المغاربة القادمين من الخارج، فإن نطاق الفائدة وتنشيط الدورة الاقتصادية، لن يكون مرتبطا فقط بالمجال الضيق للسياحة، وإنما سيشمل قطاعات ومجالات أخرى، خاصة في الفترة هذه التي تتزامن مع عيد الأضحى. كلفة وثقة وقال هامل إن الانفتاح له كلفته، ومؤشرات تطور الحالة الوبائية دالة على ذلك، فبعد أكثر من شهر على استئناف الرحلات الجوية، تضاعفت أرقام الإصابات اليومية بفيروس كورونا، وبلغ عددها الجمعة 16 يوليو/تموز 2791 إصابة. ولعل أفضل طريقة لتجنب العودة للحجر العام، وتشديد القيود على السفر، وعودة القطاع السياحي إلى نقطة الصفر من جديد -حسب هامل- التزام الجميع بالإجراءات والتدابير الوقائية، خاصة بالنسبة للسياح القادمين من بعض الدول التي تشهد ظهور متحورات عدة. وقال قوديجي، إن القرارات المفاجئة التي تتخذها الحكومة، والتي تعممها في بعض الأحيان في عطلة نهاية الأسبوع أو بالليل، تؤثر على الثقة التي هي عصب القطاع. ويرى أن الحكومة، وفي إطار تدابيرها للوضعية، لا بد لها من اتخاذ إجراءات بما فيها قيود السفر، غير أن لها من الإمكانيات للاطلاع على المعطيات والأرقام ما يسمح لها ببناء قرارات استباقية تضمن مدة زمنية كافية للسياح للتعاطي مع المستجدات