يبدو أن قرار الحكومة عبر وزير السياحة لحسن حداد، رفع الضريبة على تذاكر الرحلات الجوية الدولية، ويدخل حيز التنفيذ في شهر أبريل المقبل، لا زال يثير ردود أفعال محللين وخبراء ينتقدون سن هذه الضريبة لانعكاساتها السلبية ليس فقط على القطاعي السياحي في حد ذاته، بل حتى على مختلف القطاعات الاقتصادية التي لها علاقة بهذا المجال. ويشمل قرار سن الضريبة على تذاكر الطائرات، والذي تمّت المصادقة عليه في إطار قانون ماليّة 2014، دفع ضريبة تقدر ب100 درهم بالنّسبة للدّرجة الاقتصاديّة، و400 درهم لركاب الدرجة الأولى في الرحلات الجوية الدولية انطلاقا من المغرب. وقال الدكتور هشام الموساوي، أستاذ الاقتصاد بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، ومحلل اقتصادي لمنظمة "ليبر أفريك"، في تصريحات لهسبريس، إن "حكومة عبد الإله بنكيران تستمر، بفرضها ضريبة على تذاكر الطيران الدولي، في منطقها الذي يهم البحث عن توازن محاسباتي مالي بدون رؤية إستراتيجية متماسكة لتنمية الاقتصاد الوطني". وأوضح الموساوي أن "هذه الضريبة لديها انعكاسات سلبية على الاقتصاد المغربي، باعتبار أن مجال طلب تذاكر الطيران حساس جدا بطبيعته لتغيرات الأسعار، وبالتالي فإن القليل من العائدات المرتقب تحقيقها ستكون بلا أثر، جراء الانخفاض في حجم الحركة الجوية والسياحية بالبلاد". قرار لا معنى له وأفاد الموساوي أنه على المستوى "الميكرو اقتصادي"، أي الاقتصاد الجزئي، هذه الضريبة الجوية التي ستشرع الحكومة في تطبيقها بعد أسابيع قليلة ستزيد من تكلفة السفر، مما يؤدي إلى تقليص مردودية الشركات الجوية ذات التكلفة المنخفضة low cost. وزاد الخبير الاقتصادي بأن قرار الحكومة "قرار بلا معنى، خاصة في سياق احتدام المنافسة العالمية في قطاع السياحة، وهذا سيمنع المغرب من الاستفادة من غياب الاستقرار في البلدان المجاورة والمنافسة في تونس ومصر أو منطقة الشرق الأوسط". وتابع الموساوي أنه "إذا كان المغرب يريد أن يؤكد استقراره السياسي والاجتماعي، فإن تطبيق هذه الضريبة الجوية سيحد من جاذبيته في أعين السياح الذين بات السعر معيارا محددا في اختيار وجهاتهم السياحية التي يذهبون إليها، خاصة أن أغلب الوافدين على البلاد من السياح الأجانب هم أوروبيون سيما من بلدان الجنوب، فرنسا واسبانيا وإيطاليا، والتي اقتصادياتها تعاني من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية". ولفت المتحدث ذاته إلى "أن أحد نقط القوة التنافسية للمغرب هو أسعاره، فالمغرب يحتل المركز 61 بالنسبة لأسعار تذاكر الطيران والرسوم بالمطار، وبالتالي تنافسية الوجهة ستتأثر سلبا لدى تطبيق الضريبة الجديدة على تذاكر الطيران" يؤكد الموساوي. كرة الثلج وبخصوص مدى تأثر القطاعات الأخرى، عدا السياحة، أفاد الموساوي أن "باقي القطاعات التي تعتمد على النقل الجوي ستشهد تقلصا في تنافسيتها بسبب تداعيات الضريبة الجوية"، مضيفا أنه "إذا كان احتمال تأثير كرة الثلج قليلا، فإن هذا لا يمنع أن بعض القطاعات ستدفع فاتورة باهظة جراء قرار الحكومة بسن ضريبة جوية". واسترسل الأستاذ الجامعي أن "هذه الضريبة ستغير هيكلة السوق، كما أنها ليست دائما في صالح الشركات الوطنية، أولا في اتجاه أن هذه الشركات الوطنية ستكون "معاقبة" من طرف هذه الضريبة، خاصة شركة الخطوط الملكية المغربية، والعربية للطيران، وثانيا الشركات الأجنبية التي تقوم ببرمجة وجهاتها انطلاقا من مطارات مغربية قد تسحب وجهة المغرب من مخططاتها". وأشار الموساوي أن البعض قد يقول إن "هذا الأمر هو لصالح الشركات الوطنية، ولكنها ستجد نفسها ستؤدي التذاكر أكثر سعرا بسبب الضريبة، وبالتالي لن يفيدها هذا الوضع في شيء" وفق تعبير الخبير الاقتصادي. وخلص المحلل إلى أن هذه الضريبة تعد عقوبة للشركات الوطنية، وحاجزا عائقا أمام دخول موارد محتملة جديدة، وهو ما يخالف رؤية 2020 للسياحة بالمغرب، والتي تتوقع جذب أكبر عدد من الشركات بفضل تخفيض كلفة السفر، وتوسيع حركة المرور بالنسبة للمطارات المغربية، ومضاعفة حجم القطاع بخصوص عدد مرات الوصول، وثلاثة أضعاف الإيرادات المحصل عليها، ما وضع البلاد ضمن أفضل 20 وجهة سياحية بالعالم". الماكرو اقتصادي وبخصوص المستوى الماكرو اقتصادي، يكمل الموساوي، فإن تراجع الحركة الجوية الذي سينتج عن هذه الضريبة سيؤثر مباشرة على النقل الجوي في المقام الأول، والقطاع السياحي الذي يتبعه". وأكد المحلل أن القرار هو "انحراف عن المسار الصحيح خاصة عندما نعلم أن وزن السياحة في الاقتصاد الوطني يبلغ 7 في المائة من الثروة الوطنية، وهو ثاني قطاع مشغل، وثاني مصدر للعملة الصعبة"، مشيرا إلى التوقعات الضعيفة للنمو الاقتصادي بالمغرب لسنة 2014. واعتبر الموساوي أن "الحكومة بهذه الضريبة الجوية كأنما تطلق النار على رجليها، لأنها لا تؤثر سلبا على النمو ومناصب الشغل بالبلاد، بالنظر إلى ما أعلنه الاتحاد الدولي للنقل الجوي "إياتا" من خسارة محتملة لحوالي 1.1 مليار درهم، وفقدان 13 ألف وظيفة، ولكن أيضا ستشوه صورة البلاد لدى المستثمرين الأجانب". "إذا أراد المغرب بالفعل تطوير اقتصاده يجب أن يلغي أو على الأقل أن يحد من الضرائب والرسوم على الطيران الجوي، لأن ذلك سيدعم تنافسية الوجهة المغربية بشكل أفضل، وسيمكن من استقطاب ليس فقط السياح، وإنما مستثمرين جدد يأتون للبلاد لخلق الثروة وإحداث مناصب العمل" يؤكد الموساوي في ختام حديثه لهسبريس.