يرابط بشكل يومي على أرصفة عدد من الشوارع والساحات في مدينة طنجة، مترقبين ما قد تجود به ساعات الانتظار الطويلة من فرصة عمل تدر عليهم دراهم معدودة، وإلا فإنهم يضطرون للعودة إلى منازلهم في أحيان كثيرة بخفي حنين. هذا هو حال فئة عمال الموقف الذين يمارسون أعمالا يدوية مؤقتة، يطلق عليها عند العموم مصطلح "البريكولاج"، في الظروف الطبيعية، أما السنة الأخيرة فكانت استثنائية بكل ما تحمله من معاني سلبية، بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد، التي قلصت بشكل كبير من فرص العمل التي كانت أصلا محدودة. "في الأيام العادية، ما من عمل مستقرّ، ونعمل بشكل يومي ونبقى من دون عمل لأيام في انتظار زبون. ومنذ تفشي جائحة كورونا، قلّ الزبائن وتراجع معه قوت يومنا بشكل كبير"، يشرح "عبد الله" وضعية عمله في ظل تفشي الجائحة. يعبر هذا العامل المياوم الذي يشتغل في مجال البناء حسب الطلب، عن حسرته للانعدام شبه التام لفرص التكسب في ظل الظرفية موضحا أن الديون تراكمت عليه بشكل كبير من كل جانب، ما اضطره إلى بيع أثاث منزله القليل من أجل لقمة العيش. ودفعت الأزمة الحالية، فئة من عمال الموقف إلى التفكير في تغيير عملهم، وطرق أبواب القطاع الخاص، مثلما الأمر مع "أحمد" الذي يؤكد أن " أزمة كورونا دفعتني إلى التفكير ملياً في البحث مستقبلاً عن عمل في إحدى الشركات الكبرى، التي توفر للعاملين على الأقل تغطية صحية وتأمينات اجتماعية يمكن الاعتماد عليها في حال المرض أو بلوغ سن التقاعد". غير أن هذا التوجه يصطدم بعامل السن أولا ثم بطلب الشركات على اليد العاملة، بحسب ما يكشف عنه هذا العامل الذي يشتغل كهربائيا، موضحا ان جميع محاولاته للحصول على فرصة عمل قد باءت بالفشل. وتسببت حالة الطوارئ الصحية المفروضة في المغرب منذ 20 مارس الماضي في أزمة اقتصادية واجتماعية أثرت على أجراء المصانع والمقاهي والمتاجر التي توقفت عن العمل، لكن وطأتها كانت أشد على العاملين في القطاع غير المنظم الذين يزاولون مهناً بدخل متواضع في الغالب، من دون قدرة على الادخار. وأظهرت إحصاءات رسمية في فبراير من العام الماضي، أن معدل العاملين الذين يستفيدون من نظام للتغطية الصحية لا يتعدى 24,1 بالمئة، بينما لا يتجاوز معدل المستفيدين من نظام التقاعد 22,4 بالمئة.