لم يكن يدر في خلد ساكنة دار بن صدوق بجبل الحبيب ،أن يكون حالهم في فصل الصيف على السوء الذي عايشوه منذ يوم الأحد الماضي. لم تسعفهم استعداداتهم المحدودة التي اتخذوها قبيل الصيف في اتقاء الطقس الحار والحريق الذي فاجأهم ليلة أمس الأحد، وأدى الى محاصرتهم وسط أتون مأساة ومعانات حقيقيتين. رياح وحريق يكفي أن تزور منطقة "الجبل لحبيب"، التابعة ترابيا لإقليم تطوان، لتكتشف حجم المأساة، فما أن تقطع الطريق الجبلية الوعرة للوصول الى مشارف البلدة الواقعة وسط المرتفعات، حتى تطل على اسر وساكنة، استفاقوا على وقع حريق مهول أتى على الأخضر واليابس وكاد يؤدي لخسائر في الأرواح لولا الألطاف الإلهية، بعد أن لم يتمكنوا حتى من تجميع بعض أثاثهم وأغراضهم بعد هبوب أولى السنة النيران. لن تجد بمنطقة بمدشر "دار بن صدوق" بجبل لحبيب ولا شبر ارض خالية من بقع النيران التي نالت أيضا من صناديق نحل ومواشي وأشجار التين ، وأشجار أخرى مثمرة ، لتدرك أن هؤلاء الفلاحون الذين عاشوا لسنوات بهذه المنطقة فقدوا كل شئ في لحظة لن ينسوها لابد . "باغتتنا السنة النيران حوالي الساعة التاسعة والنصف ليلة الأحد ، عشنا رعب حقيقي ، لم تسعفنا رياح الشرقي في جمع أغراضنا بعد أن داهمنا الحريق الآتي من الغابة القريبة " يقول احد السكان المتضررين، قبل أن يضيف" لم يكن أمامنا سوى خيار واحد ووحيد الهروب مع أسرنا وأطفالنا ، بعض الناس غامروا بأنفسهم وأصيبوا بحروق واختناقات ، سيدة فقدت أموالها ونساء أخريات أصيبن بحروق نتيجة محاولاتهم اليائسة لإخماد النيران " . احد السكان المتضررين تحدث هو الآخر لجريدة طنجة 24 الالكترونية ، وأكد أن نحو 250 أسرة فقدت جميع أغراضها الخاصة في ليلة مرعبة ، وأضاف أن السلطات لم توفر لهم أي مساعدة تذكر في اللحظات الأولى من اندلاع الحريق. نفس المتحدث، أكد للجريدة انه فقد أزيد من 230 خلية نحل كما فقد كل أغراض منزله وأصيب طفله في الحريق وتم نقله الى مستشفى طنجة . "انقلوا أوجاعنا" ارتال من النسوة التحقنا بنا للحديث الى الجريدة عن معاناتهم وعن ساعات الرعب التي عاشوا جحيمها ليلة الأحد ، حاكين لنا بألم شديد مصحوب بدموع منهمرة عن واقع عشنه ، نقلوا صورة حقيقية لما وقع في ليلة الأحد السوداء، كما وصفنه ، طلبن منا نقل أوجاعهم الى المسئولين المحليين والسلطات بمدينة تطوان والتي تقاعست كثيرا في إنقاذهن وذويهن منذ الأمس، حسب تعبيرهن. عبر جريدة طنجة 24 الالكترونية ، منهم من ينظر الى الكاميرا بسخط وغضب، مع عدم فقدان الأمل بنقل معاناتهم ومساعدتهم في الخروج من ماساتهم والعيش تحت سقف، ولو فقط في هذه الفترة ، احدى النسوة اقتربت منا ، وقالت بصوت مؤلم "المخازنية رجال عاونونا بزاف واخا جاو معطلين ، أما باقي السياسيين وسلطات ديال تطوان وجبل لحبيب، سمحوا فينا ، ما كاين لا طبيب ولا دواء ولا والو ، تخنقنا بززاف وعشنا العذاب.... ". بنفس النبرة صبت إحدى السيدات جام غضبها على مسؤولي المنطقة ، معبرة عن أسفها لغياب أي دعم جمعوي ولا أي تضامن من طرف مسؤولي جبل الحبيب والذين غابوا منذ اندلاع الحريق ، وقالت في هذا السياق " فين هو رئيس الجماعة ، فين المسؤولين ، بقينا بالجوع ، بقينا بالعطش ، فين هو الماء ، ما شربناش وما شربوا اولادنا ...اللهم ان هذا منكر ". خسائر ونداء مأساة حقيقية لعائلات بلا مأوى ولا مأكل ولا مياه صالحة للشرب ، ناهيك عن حالات اختناق في صفو النساء والأطفال الذين تم إيواء عدد منهم بكل من مؤسسات معاذ بن جبل الإعدادية ومدارس ابتدائية أخرى . مصادر خاصة أكدت أن نحو أربع وحدات تابعة للقوات المساعدة ما تزال ترابط بقرية "دار بن صدوق" ، وتحاول قدر الإمكان المساعدة في إطفاء الحريق الذي أتى على هكتارات واسعة من الأراضي الزراعية والغابوية. وقد وجه عدد من الفاعلين بالمنطقة نداءات الى المسؤولين المحليين من اجل تقديم الدعم اللازم للأسر التي فقدت ابسط حاجياتها واتت النيران على محاصيلها الزراعية .