مغرورة هي الدنيا بسنابلها الملتوية. غشيمة أنا لا أفهم خباياها. أتراني مرئية أم مضطهدة قابعة بين سكنات الجدران أنتظر أن تجود عليّ أشعة الشمس بنورها وتزهر سمائي بطقوس طالما تمنيتها. ربما الحياة لعوب لا تجيد العطاء المتبادل. تأخذ منا أكثر مما تستحق، هي مشاكسة لا تود الاعتراف بالواجب. كم وددت تحقيق أحلام من مخيلتي الوردية ومعانقتها في الواقع؛ لكن لكل واد مجراه. -2- لا أحد يكترث لطموحاتك إلا من ربطهم الله بحبلك السري. والبعض من القلة يهتمون لأمرك؛ لكن ما بيدهم حيلة تنصفك. عليك أن تضاعف مجهوداتك في كل مرة الاف المرات وأن تستثمر اتصالاتك وحساباتك البنكية -إن كنت تملك إحداها-كي تجود عليك أرضهم بثمار يعود عليك بالنفع ولو في جزء من حياتك. للأسف ما من معارف، ما من مال لك يسمن جيوبك ورصيدهم، فقط آمالك كلها تنحني أمام اسمه جل وعلا، هو القادر على جعل غير الممكن ممكنا. نعم، الله سبحانه وتعالى هو القادر على تغيير أحوالك من اليأس، فيرسل بنواياك إلى بر الفرج. -3- ربما ليس لك الخير في هذا الأمر.. لا تيأس من رحمة الله، فإن اليأس كفر.. لا تحزن على شيء ضاع منك أو لم تناله، فإن الله يخبئ لك رزقا أجمل وأروع مما هو ببالك. تأكد أن بعد العسر يسرا. اصبر، فإن لكل أمر وقتا وتدبيرا .. اصبر، فالصبر مفتاح الفرج. كلها كلمات وعبارات تهدئ من روعك تشغلك بآنك وتدع المستقبل كله بيده عز وجل. وبالرغم من كل هذا وذاك، تأتيك لحظات ضعف يستهويك الشيطان فيها، فتنصاع لرغباته ومكائده. إن كنت ضعيف الإيمان، تنكسر من جديد، فتعيش أزمات نفسية عناوينها: الإحباط، القهر، الاكتئاب، فقدان الثقة… وبالنهاية الماريستان حليفك. كل شيء مكتنز في عقلك، قلبك ملتوٍ يتمنى تضميد جروحه. صدمة من وراء صدمة وخذلان تعيشه أحيانا من أقرب المقربين وفي كثير الأحيان من محيطك وبلدك. -4- لا أحد قادر على إسعافك، وحدك تتخبط بين كلمتين: الألم، الأمل. تتساءل وأنت في قمة يأسك عن بأسك، لا شيء يضاهي تعبك، عيناك لا ترى سوى معاناتك، كل الأبواب موصدة أمامك، مهما قيل لك أنت في لحظات التلاشي. سواد الماضي من ورائك وحاضرك عسير، لا تستخدم عقلك إلا قليلا. وفي مخيلتك وساوس إبليس تطلب منك أن تعقد حبل المشنقة على عنقك وتضع حدا لأزماتك النفسية وسوء حظك الكئيب؛ لكن تريث وفكر .. ألا تظن أن الله، الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام، قادر على تغيير أحوالك بما هو خير لك في أقل من رمشة عين؟ أتظن أن عذابك سينتهي بمجرد انتحار أو بتر حبل وريدك؟ أنت مخطئ، بلا شك؛ بل أنت أقوى من كل الظروف.. عيّن عقلك حَكمًا واحصِ عدد النعم التي تملكها ولا تحس بوجودها.. حكّمْ ضميرك واتبع فؤادك، فإن مدبرها حكيم، فقط ادعوه يستجيب. -5- أجل، سيستجيب لنداء روحك الطاهرة؛ فلا تدع الشيطان ينزوي بك في ركن ينهي علاقتك بالله ويزعزع ثقتك به، فهو العالم بالغيب لا أحد سواه. اجتهد وثابر في سبيل نصرة أفكارك وطموحاتك، ولا تجعل من اليأس ينقص من قيمتك. أنت كائن، موجود، مؤمن بقضاء الله وقدره خيره وشرّه. فلماذا تتوقف عن الحياة؟ عش الحياة، بحلوها ومرها؛ لأن الحلو حلو والمر مر، وكلا منهما سيمر. لا تتحسر على ما فات؛ لأن العمر، إن تساقطت أوراقه، لن يعود إلا مع فصل يزهر حياتك من جديد بعزيمتك وإرادتك.. وتأكد أن الحياة تجارب، في كل تجربة قاسية درسا يافعا تتعلمه.. ولا تحزن؛ لأن الحزن هدام، وأنت متين البنيان، قوي الإيمان.. كن على يقين بأن من خلقك لن ينساك؛ بل يرعاك في أدق تفاصيل حياتك.