لا تحزن أثبتت الدراسات التربوية والنفسية أن الحزن والقلق يضاعف الأمراض ويؤخر برءها، كأمراض قرحة المعدة وغيرها. وإذا كانت الأسباب تتعدد كمولدات لفطرة القلق، فإن الإسلام شرع آدابا لتطويق نار الحزن والقلق بالدعوة إلى الإيمان بأن كل ما يعترض الإنسان مقدر في كتاب، وجسده مبلغ الوحي عليه الصلاة والسلام في سلوك عملي تجلى في الموقف النبوي من تلقي نعي إبنه إبراهيم عليه السلام: بأن العين تدمع والقلب يحزن ولا يلزم مع الفراق إلا الصبر والاحتساب عند الله تعالى. كما أن هناك كتابات علمية عديدة تناولت الموضوع، منها كتاب:"لاتحزن" للشيخ عائض القرني،الذي عالج المسألة بكلمات جميلة، فاقرأها وتدبرها عسى أن يتم الانتفاع بها. لا تحزن إن كنت فقيرا فغيرك محبوس في دين، وإن كنت لا تملك وسيلة نقل فسواك مبتور القدمين، وإن كنت تشكو من آلام فغيرك يرقدون على الأسرة البيضاء ومنذ سنوات، وإن فقدت ولدا فغيرك فقد عددا من الأولاد وفي حادث واحد، لأنك مسلم آمنت بالله ورسله وملائكته واليوم الآخر والقضاء خيره وشره. لا تحزن إن أذنبت فتب، وإن أسأت فاستغفر، وإن أخطأت فأصلح، فالرحمة واسعة والباب مفتوح، والغفران جم، والتوبة مقبولة... لا تحزن لأن القضاء مفروغ منه، والمقدور واقع، والأقلام جفت، والصحف طويت، وكل أمر مستقر، فحزنك لا يقدم في الواقع شيئا ولا يؤخر، ولا يزيد ولا ينقص. لا تحزن لأنك بحزنك تريد إيقاف الزمن، وحبس الشمس، وإيقاف عقارب الساعة، والمشي إلى الخلف ورد النهر إلى مصبه.. لا تحزن لأن الحزن كالريح الهوجاء تفسد الهواء وتبعثر الماء وتغير السماء، وتكسر الورود اليانعة في الحديقة الغناء... لا تحزن وأنت تملك الدعاء، وتجيد الانطراح على عتبات الربوبية، وتحسن المسكنة على أبواب ملك الملوك، ومعك الثلث الأخير من الليل، ولديك ساعة تمريغ الجبين في السجود. لا تحزن فإن الله خلق لك الأرض وما فيها، وأنبت لك حدائق ذات بهجة، وبساتين فيها من كل زوج بهيج، ونخلا باسقات لها طلع نضيد، ونجوما لامعات، وخمائل وجداول، ولكنك تحزن ... لا تحزن فأنت تشرب الماء الزلال، وتستنشق الهواء الطلق، وتمشي على قدميك معافى، وتنام ليلك آمنا. لا تحزن أما ترى السحاب الأسود كيف ينقشع، والليل البهيم كيف ينجلي، والريح الصرصر كيف تسكن، والعاصفة كيف تهدأ؟! إذن فشدائدك إلى رخاء، وعيشك إلى هناء، ومستقبلك إلى نعماء.. لا تحزن فلهيب الشمس يطفئه وارف الظل، وظمأ الهاجرة يبرده الماء النمير، وعضة الجوع يسكنها الخبز الدافيء، ومعاناة السهر يعقبها نوم لذيذ، وآلام المرض يزيلها لذيذ العافية، فما عليك إلا الصبر قليلا والانتظار لحظة. لا تحزن فإن عمرك الحقيقي سعادتك وراحة بالك، فلا تنفق أيامك في الحزن، وتبذر لياليك في الهم، وتوزع ساعاتك على الغموم، ولا تسرف في إضاعة حياتك، فإن الله لا يحب المسرفين. الشيخ عائض القرني من كتابه: "لا تحزن".