مع غروب شمس كل يوم من رمضان بطنجة، يحاول اللاجئون السوريون إلى استحضار الأوقات الجماعية التي اعتادوا عليها في وطنهم الأم وسط عائلتهم و أصدقائهم. ورغم أن هناك من يحاول التأقلم مع الظروف الجديدة، إلا أن الكثير منهم يجدون أن قضاء شهر رمضان في بلد غير بلدهم الأصل مختلف تماما، وهو ما يجعل الصيام أصعب أحيانا جراء المعاناة النفسية التي سببتها لهم الحرب بسوريا. أطفال صغار و نساء يجولون شوارع و أزقة طنجة بحثا عن قلوب ترأف لحالهم أو محسنين يمدونهم بقليل من المال حتى يجدوا ما يقتاتون وقت الإفطار.و يتكرر المشهد يوميا، سوريون يبرزون جوازات سفرهم أمام المساجد و بالأسواق و الشوارع على أمل الحصول على نقود لإطعام أسرهم. ''هنا'' لاجئة سورية دخلت المغرب منذ 3 سنوات، تقول ''شهر رمضان في المغرب له أجواء مختلف تماما عن رمضان في سوريا لأن كل العائلة تفرقت و نظرة الناس إلينا تزيد من معاناتنا مما يجعلنا نحس أننا نصوم وحدنا..'' ويشكل رمضان تحديا للاجئين السورين الذين يعيشون ظروفا صعبة حيث تتركز المساعدات الدولية بالدول المجاورة لسوريا و تغيب عن المغرب مما يزيد من تفاقم أوضاعهم المعيشية، في حين لا يوجد دعم صريح من الجهات المسؤولة بالمغرب و جمعيات المجتمع المعدني التي غابت عن المشهد التطوعي. و جدير بالذكر أن المغرب بالرغم من إصداره لقانون اللجوء بالبلاد منذ سنوات، إلا أنه لا يتم العمل به مما يجعل معاناة طالبي اللجوء مستمرة, خاصة أن عددا كبيرا منهم عبروا الحدود الجزائرية فارين من جحيم الحرب و من المخيمات المكتظة بلبنان و الأردن ضانين أن المغرب سيكون خيارا أفضل. "شيماء"، لاجئة سورية في العشرينيات من عمرها و حاصلة على الإجازة في العلوم السياسية، تقول ''إن بعض المحسوبين على بعض الأحزاب بطنجة حاولوا التقرب منهم و التعرف على ظروف عيشهم لاستغلال مآسيهم من أجل مصالحهم و كسب الدعم من المغاربة على أنهم فاعلي خير." وحسب "شيماء" فإن السلطات المغربية، مطالبة بمنح اللاجئين السوريين، جميع حقوقهم في إطار اللجوء الإنساني حتى يتمكنوا من الحصول على فرصة عمل بدل التسول بين شوارع و أزقة المدينة. بعد المعاناة بين مخيمات اللاجئين بالشرق الأوسط، تستمر المعاناة بالمغرب الذي نجح السوريون في الوصول إليه و فقدانهم الأمل في أن يتجاوب المغرب سريعا مع مطالبهم, لكنهم لا يزالون يأملون في الحصول على فرصة للعيش الكريم بالمغرب. وبالمقارنة مع دول أخرى في الشرق الأوسط لا يوجد في المغرب عدد كبير من اللاجئين السوريين حيث لا تسجل المفوضية منهم سوى 1726 لاجئا. ويقدر عدد السوريين حسب إحصائيات رسمية بأكثر من 5000 سوري مسجلين لدى السلطات المغربية لكن عددهم في ازدياد مضطرد. وتأتي طنجة في قائمة المدن التي يتركز فيها السوريون. وأطلق المغرب في يونيو 2014 عملية "استثنائية" لتسوية وضع المهاجرين غير الشرعيين في المغرب مستهدفة بالخصوص الأفارقة من جنوب الصحراء الذين يحلمون بالهجرة إلى أوروبا ويتخذون من المغرب بلدا للعبور كما كان من ضمنهم لاجئون سوريون. (*) صحفي متدرب