دفعت ظروف الحرب الأهلية الدائرة في سوريا والظروف المادية منى وأسرتها إلى التوجه إلى المغرب بدل التوجه إلى أوروبا كشقيقاتها. وتقول منى (54 عاما) التي دخلت المغرب من الحدود الجزائرية إنها تشتغل في البيوت لتعيل أبناءها الثلاثة بالإضافة إلى ما تحصل عليه من مساعدة هزيلة من مفوضية شؤون اللاجئين في المغرب. وتعيش منى رفقة عدد من الأسر السورية اللاجئة في بيت في تمارة بأحد ضواحي الرباط حيث تتقاسم غرفة هي وأبناؤها الثلاثة وزوجها المريض وتدفع مبلغ 1200 درهم (نحو 100 دولار) شهريا ايجارا للغرفة. وتشتكي كبعض السوريين اللاجئين في المغرب من ضعف مساعدات المفوضية وتقول إن أهم ما حصلت عليه من مساعدة من المفوضية بطاقة التسجيل. وتقول منى إن شقيقات لها كن يدخرن المال والذهب لوقت الحاجة توجهن إلى بلجيكا طلبا للجوء بينما اضطرت هي إلى الهجرة إلى الجزائر ثم موريتانيا فالمغرب بحثا عن واقع أفضل. وتتمنى أن تجمع المال الكافي للالتحاق بشقيقاتها ببلجيكا حيث «السكن والتغطية الصحية والمعيشة أحسن». ويقول جون بول كاليفيري ممثل مفوضية شؤون اللاجئين في المغرب إن "مساعدة اللاجئين السوريين الفارين من جحيم الحروب (تمثل) أولوية وتكون بحسب حالة كل شخص حيث تعطى الأسبقية للنساء والأطفال." ويضيف في مقابلة مع رويترز "إن المفوضية تخصص مبلغ 300 درهم لكل للاجئ بحيث أسرة مكونة من أربعة أشخاص تتلقى نحو 1200 درهم" لكن هذا المبلغ لا يصرف بانتظام وقد يصرف مرة كل ثلاثة أشهر. ورفض الافصاح عن حجم المساعدات التي توفرها الأممالمتحدة لفرع المفوضية في المغرب قائلا إن "هذا ليس مهما." كما أشار الى امتيازات أخرى توفرها لهم المفوضية كالحق قي العلاج والزيارة الطبية المنزلية مجانا بالإضافة إلى الالتحاق بالمدارس المغربية العمومية لكنه قال إن السكن الاجتماعي المجاني لا يتوفر في المغرب حتى بالنسبة لأبنائه. وقال كاليفيري إن المفوضية لها شراكات مع منظمات غير حكومية مغربية لتوفير المساعدات للاجئين. وتتجول عائشة رفقة أبنائها الأربعة في سن الدراسة قرب أحد الأسواق الكبرى في العاصمة الرباط لتستجدي مساعدة الناس. وتقول عائشة إن أمنيتها أن يلتحق أبناوءها بالمدرسة نافية أن تكون المفوضية تساعدهم في شيء «سوى بطاقة التسجيل». ويقول كاليفيري "إن بعض الأسر لا تودع أطفالها المدارس لأنها تعتبر نفسها في بلد عبور وليس استقرار في انتظار الفرصة السانحة للهجرة وهؤلاء الأخيرين تجد المفوضية معهم مشاكل أكثر." وبالمقارنة مع دول أخرى في الشرق الأوسط لا يوجد في المغرب عدد كبير من اللاجئين السوريين حيث لا تسجل المفوضية منهم سوى 1726 لاجئا. ويقدر عدد السوريين حسب احصائيات رسمية بأكثر من 5000 سوري مسجلين لدى السلطات المغربية لكن عددهم في ازدياد مضطرد. وأطلق المغرب في يونيو 2014 عملية "استثنائية" لتسوية وضع المهاجرين غير النظاميين في المغرب مستهدفة بالخصوص الأفارقة من جنوب الصحراء الذين يحلمون بالهجرة إلى أوروبا ويتخذون من المغرب بلدا للعبور كما كان من ضمنهم لاجئون سوريون. وقام العام الماضي عدد من السوريين بالتظاهر أمام مقر مفوضية شؤون اللاجئين احتجاجا على ما أسموه عدم «مساعدة المفوضية لهم». وتأتي مدن كالدارالبيضاء وطنجة والرباط على رأس قائمة المدن التي يتركز فيها السوريون. ويتوجه بعض السوريين إلى مدن حدودية قريبة من سبتة ومليلية المحتلتين في انتظار فرصة للتوجه إلى أوروبا. ويقول محمد بن عيسى رئيس مرصد الشمال لحقوق الانسان إن حال السوريين خاصة في شمال المغرب «جد مزرية حيث يعيش البعض على التسول فيما آخرون يمتهنون مهن كصانعي الاسنان خارج القانون». ويضيف لرويترز «لكن عموما المغرب محطة مؤقتة في انتظار اللحظة المناسبة للهجرة فالعديد منهم يحاول اختراق الأسلاك الشائكة الفاصلة بين مليلية وباقي التراب المغربي بصفة مستمرة». ويقول كاليفيري "نحن أيضا نحاول أن نوجه اللاجئين لكي يجعلوا من هجرتهم الاضطرارية محطة إفادة واستفادة حيث يوجد عدد من اللاجئين السوريين الذين يشتغلون في مهن صانعي الأسنان كما تحول مهاجرون أفارقة إلى تجار لمواد إفريقية نادرة أو إلى مصففي شعر على الطريقة الإفريقية." وإذا كان أغلب المهاجرين السوريين يعيشون في شوارع الرباط على استجداء المارة فهناك من استطاع أن يندمج ويتخذ من المغرب بلدا للاستقرار وليس للعبور فقط. فمحمود (43 عاما) استطاع أن يدخل في شراكة مع مواطن بمدينة الدارالبيضاء لتأسيس مطعم سوري يلاقي إقبالا كبيرا من المغاربة. ويقول محمود "لم أجد أية مشكلة في الاندماج وحياتي هنا بأفضل حال. صحيح أحلم أن تستقر الأوضاع في سوريا وأعود يوما لكنني أكيد سأفتقد المغرب لأننا شعرنا بالأمان هنا وبمحبة الناس." ويبقى أمل أن تستقر الأوضاع في سوريا والعودة إلى البلد الأم الحلم المشترك بين السوريين. ومن المنتظر أن يصوت البرلمان المغربي على قانون جديد للجوء شاركت مفوضية اللاجئين في وضع مسودته. ويقول كالفيري إن "المغرب لديه إرادة لحماية اللاجئين بحيث يضعهم في إطار قانوني. ونحن نحاول المساعدة في هذا المجال لكننا نعلق آمالا كبيرة على قانون اللجوء الذي سيصوت عليه البرلمان."