في ساحة عمومية شاسعة و بحضور حشد غفير تقام هذه المناظرة السياسية الكبرى و لأول مرة بين المصباح و الجرار. على المقاعد الأمامية يجلس الميزان بجانب الوردة في مشهد رومانسي، الحصان يمسك بيد السنبلة ويهمس في أذنها، الحمامة تنظر بحذر الى الكتاب. أما باقي الأشياء و الاليات و الكائنات فقد تجمعت في ركن قصي من الساحة تراقب بداية المناظرة المشهودة ! انتباه الآن يبدأ السجال : -أنا المصباح المضيء أنير درب الحيارى في عالم السياسة أبشر الشعب بالمستقبل المشرق، قوي أنا بأنصاري ببرنامجي بمشروعي المجتمعي المتوازن ! أنا ضامن الاستقرار وحصن الاستمرار… -أنا الجرار أحرث و أحصد، أنا القوة أنا المتانة أنا النماء و الخير ..أتمسك بالأصل و أتصل بالعصر، من ركبني فاز ومن نزل مني خاب ،شعاري من جد وجد و من زرع حصد ! -أنت الدمار أيها الجرار ،ولادتك ملتبسة و أصلك التجاري فاسد ، أنت حزب السلطان و نحن حزب الشعب الغلبان ! -خسئت أيها المصباح المظلم وهل أنت الا حزب الشيطان؟ نحن كسبنا شرعيتنا بالقيادة التاريخية و الآلية الديمقراطية جئنا من اليسار المناضل، تشكلنا من أبناء البوادي و المغرب العميق ضدا على أمثالكم، من ولدتم في بيت الهالك البصري قامع الحريات و مفسد السياسات. -لا كان الله لك يا جرار التحكم والاجتثاث، عثت فسادا في ساحتنا السياسية هددت بالفناء كل معارض لطموحاتك و اشتريت ضعاف النفوس بالمال ارحل عنا و عد من حيث أتيت . -ساحتكم ..؟ ألا عيبك مكشوفة أيها المظلم، أنت تحرق و لا تضيء ،تظلم و لا تنير ، ليس لك من اسمك الا الجانب السيئ، اتخذت من الدين مطية و من الاسلام ألعوبة و ذريعة ..خرجت من حركة اسلاموية فتراك تأكل النعمة و تسب الملة عد الى جحرك و اترك السياسة فو الله ما كذب من أطلق على أبنائك لقب اللذئاب الملتحية ! -لا تمني نفسك باليوم الذي نترك لك فيه الساحة فارغة لتعمل فيها حرثك العقيم أو لتحصد ما زرعنا بأيدينا طيلة السنين ،اخجل أيها الوافد الجديد الفاقد للشرعية و المكانة بين الأشياء و الاليات و الحيوانات في هذا السرك الكبير..سبقناكم الى الحقل فلن تخرجونا منه بأساليبكم التي نعرفها جيدا،إنا نحن ها هنا قاعدون ! -بيننا و بينكم صناديق الاقتراع فإن غدا لناظره قريب ،يا أصحاب القراءات الخاطئة للدين ،سنفضحكم بكل الأساليب فلم نأت إلا دفاعا عن المسلمين من خطر أمثالكم لبناء وطن يتسع للجميع، وطن الحداثة و التحديث . – كم أنت متناقض في كلامك ! يبدو أنك نسيت تاريخ 20 من فبراير يوم حمل الشعب صورتك و طالبوك بالرحيل ،نسيت أنك جزء من مشاكل هذا البلد و لست جزء من حلها بكل تأكبد ،الفضل يعود لنا في امتصاص غضب الشارع و كبح جماح الشعب الغاضب نحن أبطال الحفاظ على سلم البلد و استقراره ! – البلد مستقر قبل وجودكم بأهله و نخبه ،أما الصور فأنت من طبعها و أنت من حملها مستغلا موجة الاحتجاج لتصفية حسابك الضيق معي ،لكني أذكى مما تتصور، الضربة التي لا تكسر ظهر صاحبها تقويه.. ها أنا الان أقارعك في هذا المعترك و لن أترك لك المجال لتستفرد بالحقل و الديار لتزرع البؤس و الظلام فان تاريخك أسود إن كان لك تاريخ ! -أنا النور الذي أنجح تجربة أول حكومة سياسية في البلد بعد دستور 2011 لن ينكر فضلي الا جاحد أو حاقد أنا الذي واجهت أعقد الملفات و حاولت ايجاد حلول لها بكل شجاعة على حساب شعبيتي لأن الوطن أهم لكنك عن الحقيقة أصم . -هذا مجرد كلام أيها المصباح المسكين إنك تبيع الوهم ليس إلا ! أجهزت على كل المكتسبات الاجتماعية ، أدخلت البلد في أزمة إقتصادية و رفعت العجز و المديونية ،أشعلت الأسعار في الأسواق و رفضت الزيادة في أجور العمال وقترت عنهم الأرزاق ،سياستك فاشلة و خططك غير ناجزة ،وعودك كاذبة .لذلك فك الميزان الارتباط بحكومتك.. -رحم الله امرىء عرف قدر نفسه ،أنت السبب في كل هذا لقد كثر تشويشك على تجربتي الحكومية المتفردة بشهادة الجميع و الميزان الذي فك الارتباط بحكومتي فك الارتباط بمعارضتك أيضا بعد الانتخابات الجماعية و الجهوبة الأخيرة بعد أن وقف عن كثب على خداعك و تحكمك. -لقد كثر تطاولك و لغوك في الحديث لكن العبرة بالأعمال و ليس بالأقوال سنرى من ينتصر أخيرا ،فالشعب بعد أن جرب تدبيركم للشأن العام لاشك أنه سيعاقبك على سوء لتدبيرك لعدد من الملفات الحساسة ،و يختارني أنا لقيادة الحكومة . -لن أعلق فالشعب يحبنا و نحن متفائلون بمستقبلنا و الحكومة قد تعود الى قبضتنا مرة ثانية عكس ما تتطلع إليه ! -سيخيب فألك و يضعف وهجك ..إنما جعلت الأرض للحرث و أنا الجرار ! فجأة يظهر كائن غريب ،يخطف الأضواء من المتناظرين ،عم الساحة صمت جنائزي رهيب ،طأطأ كل من المصباح و الجرار رأسيهما . قال الأول عيطو على الدولة وصاح الثاني لي بغاها القايد هي لي تكون . انتباه انتهى وقت المناظرة : صفق الحضور بحرارة ثم أسرت الحمامة للحصان و السنبلة : أتمنى ألا نضيع فالحرب بدأت ، الميزان تبسم بخبث وهمس للوردة نحن الأقوى هم في حاجة إلينا،أما الكتاب فوقف وحيدا تبدو عليه علامات الحيرة ! [email protected]