أخذت الحملات الأمنية على أوكار تعاطي "الشيشة" في مختلف مناطق مدينة طنجة، وتيرة تصاعدية على نحو غير مسبوق، ما أسفر عن توقيف عدد من مسيري هذه الفضاءات التي تتخذ من شارات المقاهي والمطاعم، يافطات لأنشطتها التي طالما أثارت حفيظة فئات واسعة من سكان المدينة، بالنظر لما يرافق نشاط هذه المحلات من سلوكات تتنافى وقواعد الأخلاق والقانون. ولئن كان العديد من سكان طنجة، يفسرون هذه التحركات الأمنية الواسعة في هذا الإطار، باستفحال ظاهرة هذه الأوكار، بشكل أصبح السكوت علبه، مرادفا للاستهتار بالنظام والأخلاق العامة، فإن هناك من يثير مسألة غياب المسوغ القانوني لهذه المقاربة الأمنية، بدعوى أنه ليس هناك نص قانوني يجرم تعاطي "الشيشة" في الأماكن العمومية. الناشط الحقوقي والمحامي بهيئة طنجة، محمد كريم مبروك، يؤكد أنه بالفعل هناك فراغ تشريعي في مسألة التعاطي مع استهلاك "الشيشة" والمواد المقمدة معها. ويضيف مبروك في حديث لجريدة طنجة 24 الإلكترونية، أنه أمام هذا الوضع القانوني، فان السلطات العمومية والقضائية و حرصا منها على تطبيق القانون فهي تعمد الى ضبط القانون وتطبيقه من خلال ما يتم ضبطه داخل هاته المحلات. ويشرح الخبير القانوني، أن تقديم هذه المواد للقاصرين مثلا، أو تناولها الى جانب مواد مخدرة أو ضبط حالات افساد للشباب أو التحريض على البغاء، يجعل من هذه الأوكار التي تتخفى تحت ستائر مطاعم أو مقاهي، عبارة عن فضاءات موبوءة، تستدعي تدخلا قانونيا حازما و زاجرا لمواجهة كل المخالفات و الجنح المرتكبة بداخلها أو بمناسبة تناولها". ويشكل انتشار أوكار تدخين الشيشة، التي يقدر عددها بنحو 150 وكر في مختلف أحياء وشوارع وسط مدينة طنجة، أكبر التحديات التي تواجه السلطات الجماعية، ممثلة في مجلس مقاطعة طنجةالمدينة، الذي يترأسه حاليا محمد أفقير، حيث تشكل هذه الظاهرة إحدى تراكمات الفترة السابقة التي تولى خلالها يونس الشرقاوي ، تسيير شؤون المقاطعة. غير أن مصادر مطلعة، تؤكد أن التراخيص التي ظلت المقاطعة تصادق عليها، تسمح فقط بافتتاح مقاهي ومطاعم عادية، إلا أن أربابها يستغلونها في أنشطة محظورة، تقتضي من المسؤولين الجماعيين الجدد والسلطات الأمنية التدخل بشكل أكثر صرامة لمعالجة هذا الوضع الأخلاقي والأمني المقلق. ووجهت السلطات المحلية مؤخرا، إنذارات إلى أرباب المقاهي والمطاعم، التي يتخذها أربابها كأوكار لتدخين "الشيشة"، بضرورة وقف هذه الأنشطة المحظورة، واحترام الرخص الممنوحة لهم من طرف المصالح الجماعية، وذلك تحت طائلة إغلاق المحل ومتابعة القائمين عليه قانونا. وكان الفريق البرلماني لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، قد قدم مقترح قانون يجرم تعاطي "الشيشة" والاتجار بها تحت طائلة عقوبات قاسية في حق المخالفين. قبل أن يقوم بسحبه بهدف إجراء تعديلات على بعض جوانب المقترح، قبل إعادة عرضه مجددا على المجلس في وقت لاحق. ويعتقد سكان طنجة، أن سن قانون من هذا النوع، من شأنه أن ينهي وجود هذه الأوكار أو الحد من نشاطها على الأقل، بعدما أصبح انتشارها المهول في شوارع وأحياء المدينة، مصدر قلق وتحفظ مستمرين للمواطنين، بالنظر إلى المظاهر اللاأخلاقية التي ترافق فترة ذروة نشاط هذه الأوكار. ولا يقتصر دور هذه الأوكار، التي تنتشر على وجه الخصوص في شارع موسى بن نصير، شارع المنصور الذهبي، وساحة الأمم، على تقديم خدمات تدخين "الشيشة"، وإنما تحولت الكثير من هذه الفضاءات إلى أوكار لإتيان مختلف السلوكات، مثل استهلاك المخدرات والدعارة. غير أن ما يثير استغراب واستياء سكان العديد من هذه المناطق في وسط المدينة، هو جرأة بعض أصحاب هذه الفضاءات، الذين جعلوا من محلاتهم أشبه بحانات ليلية، خلال الفترة الليلية، حيث يعمدون إلى إطلاق العنان لأصوات الموسيقى الصاخبة التي يصل صداها إلى داخل المنازل المجاورة، مما يحرم المواطنين من حقهم في الراحة، فضلا عما يصاحب ذلك من تنامي مشاهد مخلة بالحياء العام مثل مشهد المساومات بين بائعات الهوى والباحثين عن اللذة الرخيصة في محيط العديد من هذه المحلات