لم يكن الكثير من ممتهني بيع شتائل النباتات والتربة اللازمة لغرسها ونموها، يتخيلون أن بضاعتهم ستصبح في يوم من الأيام موضع إقبال متزايد من طرف سكان طنجة، مثلما هو حاصل هذه الأيام بعدما تزايد طلب العديد من سكان أحياء المدينة، على هذه اللوازم التي يتم استعمالها في تزيين الأزقة والدروب. وأصبح بيع شتائل النباتات، الذي يتخذ ممتهنوه في الغالب فضاءات الأسواق الشعبية لتسويق بضاعتهم، نشاطا مدرا للدخل أكثر من أي وقت مضى، بفضل تزايد الطلب عليه من طرف سكان الأحياء الذين يقومون باقتناء كميات كبيرة، قصد استغلالها في عمليات التزيين، وفق ما يؤكده عدد من باعة هذه الأغراض. وإذا كانت هناك أحياء، اعتمد سكانها في تزيينها على دعم بعض الهيئات العمومية، مثل المصالح الجماعية أوالمديرية الجهوية للمياه والغابات ومكافحة التصحر، التي قامت بتزويدهم بكميات وأنواع من الشتائل والنباتات، فإن هناك أحياء أخرى تحمل شبابها تكاليف اقتناء لوازم التزيين، مما انعكس إيجابيا على نشاط بائعي هذه المواد النباتية. بمعدل مرتين في الأسبوع، تتحمل "رحمة"، وهي سيدة قروية في منتصف الأربعينات من العمر، مشقة التنقل من محل سكنها بمدشر "الديموس" (جماعة العوامة)، إلى سوق "بني مكادة"، وهي محملة بمنتوجات فلاحية استهلاكية تتمثل في ألبان وأجبان وبعض مما تنبته الأرض من بقلها وقثائها وفومها وبصلها، وأيضا كمية من شتائل نباتية والتربة، بالنظر لإدراكها أن هناك زبائن يهوون غرس النباتات. وتكشف السيدة"رحمة"، أنها أصبحت خلال الآونة الأخيرة تؤثث بضاعتها بعدد أكبر من شتائل النباتات وكميات من الأتربة، بعدما لمست إقبالا متزايدا عليه من طرف السكان من مختلف الأعمار. "من قبل كان بعض كبار السن من الرجال والنساء هم فقط من يقومون باقتناء نقلة (شتيلة) أو اثنتين، أما الآن فهناك إقبال أكثر من طرف الشباب وغير الشباب على حد سواء"، تشرح ذات القروية متحدثة لجريدة طنجة 24. الإقبال المتزايد لسكان طنجة على اقتناء شتائل النباتات الطبيعية، لاحظه أيضا بائع متخصص في تسويق هذه النباتات، حيث يقول "بفضل عمليات تزيين الأحياء، أخذت وتيرة الإقبال على اقتناء التربة والنباتات منحى تصاعديا". ويتابع هذا البائع الذي يمتلك محلا صغيرا يستغله كمخزن لبضاعته "أصبحنا نستجلب كميات أكبر من هذه البضاعة لمواكبة الطلب المتزايد عليها". وعن مصدر هذا المواد، التي يمتهن هذا البائبع تسويقها، يوضح هذا الأخير، أن المنطقة الغابوية بالجبل الكبير، تشكل مصدرا غنيا لأجود أنواع التربة، ويضيف "أقوم شخصيا باستجلابها من هناك ". ويستطرد " رغم الجهد الشاق الذي أبذله يتطلب جلب التربة والنباتات فنحن حريصون أن يظل ثمن البيع في مستوى معقول"، موضحا أن ثمن كيس التربة من الحجم المتوسط، لا يتجاوز مبلغ 30 درهم، بينما يتفاوت سعر النباتات والشتائل. يختار شباب أحياء طنجة، أنواع النباتات والزهور بناية كبيرة، حتى تتلاءم بشكل تام مع الرونق المتفق عليه، غير أنهم لا يخفون ما يشكله اقتناء لوازم تزيين الأزقة من عبئ مادي، التحدي الذي لم يتوفق شباب عدد من الأحياء في تجاوزه، فوجدوا أنفسهم مضطرين لتعليق نشاطهم التطوعي، بسبب قلة الإمكانيات في انتظار. حيثما ساد الوعي عم الخير، لازمة يمكن ملامستها في أثار المبادرات التطوعية لسكان أحياء طنجة، على رواج تجارة باعة النباتات ولوازم الزينة. فإذا كان هؤلاء السكان قد كسبوا رهان فضاء عمومي مثالي وجذاب، فإنهم ساهموا في ترويج نشاط مدر للدخل، له آثار لا تخفى على الكثير من الفئات.