بعد وداعنا للصديق محمد البويشة حيث قضينا معه سهرة حلال، شربنا فيها خمور محلية الصنع تشجيعا للصناعة المحلية وغيرة على المنتوج الوطني. ونحن عائدين إلى منزلينا ، إذ بنا نصادف شابا مرمي على قارعة الطريق، صدمنا للمنظر برهة من الزمن وكل واحد منا يتسائل مع نفسه: - ما العمل ؟ هل نكمل الطريق وكأننا لم نرى شيئا، أم نقوم بشيء ما. احترنا في الأمر. ألقينا نظرة على الشاب، ملابس تبدو جيدة،حذاء رياضي وقميص شتوي، وسروال جينز أزرق، كانت عينيه مفتوحتين ولا ترمشان، هالنا المنظر للحظات وكأنه كان يحدق فينا..اقتربت منه لأرى نبض قلبه وكان الظلام قد أرخى ظلاله على هذا المكان حتى باتت الرؤية غير واضحة. فلم يتناهي إلى مسامع كلا أي نبض، ولم تنم عنه أي حركة.. - إنه يبدو ميت. - الله - لا حول ولا قوة إلا بالله - حرك يدي في كلتا الجهتين أمام عينيه لعل حركة تنم عنه، أو صوت يصدر عنه، إلا أن كل ذلك لم يؤدي إلى أي نتيجة. - لقد تجمد من البرد دون شك. تسائلنا عن الحل. قال: - سنتصل بالإسعاف أجبته قالا: - إن جائت سيارة الإسعاف مع الشرطة، فقد ندخل في السين والجيم ونتورط في عمل لا ناقة لنا به ولا جمل. فنمت في ذهني فكرة تبدوا كحل وسط. - لماذا لا نخبر حارس السيارات القريب من مكان سقوط الشاب، ونتصل بسيارة الإسعاف والبقية معروفة. على الأقل نكون مرتاحي الضمير، ونبيت في منازلنا عوض الكوميسارية. - مممم الزقاق ضيق و معزول بين الأحياء وسيارة الإسعاف من الصعب أن تعرف الموقع بالضبط. - ما العمل إذن؟ غرقنا في الحيرة، انزو حمزة في الجانب الأيمن وكفيه تحت ذقنه، وأنا أغدوا وأروح في مكاني، وعقلي يفكر في أسوء السيناريوهات.. ماذا لو جاءت الشرطة وتم القبض علينا.. سنقضي ما تبقى من حياتنا في السجن.. لو كنا سمعنا نصيحة محمد وبتنا معه حتى الصباح لكان الأمر جيدا ولما تعرضنا لهذه البهدلة ولا سقطنا في بئر الحيرة كما سقطت أليس في بلاد العجيب. يتبع