يبدو أن متاعب عمدة طنجة ستزداد وستتضاعف خلال القادم من الأيام إذا لم يتم اتخاذ موقف حازم مما يخطط له، خاصة في ما يتعلق بالملفات الحارقة التي تعج بها المدينة والتي تريد السلطات أن تمررها عبر حزب العدالة والتنمية الذي حصل على أصوات معتبرة خلال انتخابات 04 شتنبر، بوأته الصدارة وبالأغلبية المطلقة في جميع المقاطعات بعروس الشمال . فبعد وقوفه في وجه الاحتجاجات التي خرجت بالآلاف ضد شركة "أمانديس"، بإعطاء تصريحات غاية في الغرابة من قبيل محاولة التشويش على الزيارة الملكية، وأن من أسباب الزيادة في أسعار الكهرباء أن ساكنة طنجة تبقى ساهرة إلى وقت متأخر من ليالي فصل الصيف..، وبعد توقيعه على قرار هدم المئات من المنازل بمقاطعة بني مكادة بحجة أن توقيع الرئيس السابق للمقاطعة غير قانوني، جاء الدور اليوم على ملف ربما سيمثل الضربة الموجعة للعمدة وحزبه، ويتعلق الأمر بتوقيعه على قرار هدم السوق المركزي لبني مكادة، ومنحه ساعات للإفراغ، في قرار أغرب من الخيال، رغم أن معظم تجار السوق المركزي لم يستفيدوا من محلات السوق النموذجي الذي دشنه الملك منذ أزيد من 3 أشهر دون أن يجد طريقة إلى التدشين العملي بسبب التلاعبات التي عرفتها عملية التوزيع والاستفادة . خطورة هذه القرارات تأتي من كونها تجعل من العمدة في اصطدام دائم مع الفئات الشعبية، في حين تجعل من الجهات التي تملك فعلا القرار المحلي في وضعية مريحة، فالعمدة هو الذي يصدر قرارات الهدم، وهو الذي يواجه الجماهير المحتجة ضد الشركة المكلفة بتدبير الماء والكهرباء، وهو الذي يخرج للإعلام للدفاع عن قرارات لم يتخذها.. في حين السيد الوالي هو المنقذ وهو الذي يشرف على مشاريع طنجة الكبرى، وهو الذي يتدخل في آخر لحظة لتهدئة الأوضاع ما دام أنه يملك حقيقة القرار الأخير .. وهكذا . وعلى ما يبدو فإن السيد العمدة يساير هذا التوجه المرسوم، ولم يبد حتى الآن أي اعتراض أو ملاحظة حتى، وحسب المعطيات المتاحة فإن البشير العبدلاوي يبدي تعاونا كبيرا مع السلطات الولائية رغم علمه بخطورة العديد من القرارات التي وقعها حتى الآن، وفي مقدمتها معضلة القرار المتسرع لهدم السوق المركزي لبني مكادة دون اتخاذ ما يلزم من احتياطات .. وعوض أن يحاول العمدة إيجاد حلول ومخارج للقرارات التي اتخذها، فإنه يسارع إلى إعطاء تفسيرات ومبررات تزيد من الحيرة، فمرة يقول أن قرار الهدم صدر عن جهات عليا لم يسميها وإن كان من حق الرأي العام المحلي أن يعرف من هي هاته الجهات، ومرة أخرى يقول أن قرارا صدر ببناء مستشفى مكان السوق المركزي في محاولة لاستمالة وربح المزيد من تعاطف القلوب . ولنفرض أن هذه المعطيات صحيحة، فهل من المناسب أن يوقع على قرار هدم السوق دون أن يستفيد معظم التجار من محلات السوق النموذجي الذي دشنه الملك ؟ وحتى المستفيد رفض الرحيل، فهل من المعقول أن يتخلى عن محل من 10 أمتار مثلا في السوق الحالي، ويشغل معه أزيد من 7 شبان يعولون أسر بقدها وقديدها ويذهب إلى محل جديد مساحته 2 متر مربع ؟ وهل من الواقعية أن نضرب كل هاته الحقائق عرض الحائط فقط لأن جهات عليا تريد أن يدشن في ذات المكان مستوصف ؟ دشنوا ما تريدون لكن بعد إحقاق الحقوق . وتماشيا مع مقاربة حزب عمدة طنجة الداعية إلى الإصلاح من داخل المؤسسات، فإن المطلوب هو الدفاع عن مصالح الساكنة والوقوف بجانبها ومعها من موقع العمودية، وأن يواجه المسؤول مهما علا شأنه بطرق فيها ذكاء تحقيقا للمصالح ودفاعا عن الفئات الشعبية التي بوأته الصدارة، وأن لا يستسلم بسهولة للمبررات التي تسوقها السلطة المالكة للقرار، وللضغوطات التي تمارسها لتمرير مشاريعها بشتى الطرق حتى وإن كان على حساب المستضعفين كما هو حالها دائما . ضعف شخصية السيد العبدلاوي سببا مباشرا في ما ستعيشه طنجة من أزمات نتيجة توقيعه لقرارات خطيرة رغم قصر المدة التي قضاها في العمودية، كما أن قوة شخصية نائبه المدعوم توجهه من جهات في السلطة ولأنه يمثل تيارا لا يرى ضرورة في فرملة قرارات السلطة بل يرى التوافق معها هو الأفضل سببا ثانيا سيجعل من تجربة حزب العالة والتنمية في التسيير الجماعي بطنجة قنطرة لتمرير ما عجزت عنه السلطة في الولايات السابقة بسبب وجود منتخبين معزولين عن الجماهير، عكس العمدة الحالي ومن معه الذين سيحملون على عاتقهمالدفاع عن قرارات لم يقررها مسؤولهم الجهوي وممثلهم على رأس الجماعة الحضرية، لكنه وقعها وبالتالي فهو ملزم بتبريرها ولا ضرر من الاستعانة بمقولة "جهات عليا" لتنفيذها فقط للبقاء على الكرسي الوثير.