حذر الإعلامي المغربي، رضوان الرمضاني، من ترسخ آفة التشهير إلى درجة اعتبارها مرادفا ل”حرية التعبير”، معتبرا أن معالجة هذا الأمر على مستوى المؤسسات الإعلامية قد يجد طريقه بوسائل كثيرة “لكن المخيف هو أن يتحول التشهير إلى ثقافة لدى عموم الناس”. جاء هذا خلال ندوة “التشهير في الصحافة .. قتل معنوي ينتظر ردع القانون” نظمها، مساء الجمعة، المركز الإعلامي المتوسطي بطنجة. وقال الرمضاني، خلال مداخلته في هذا اللقاء الإعلامي، أن انتشار التشهير “ساهم فيه عنصران يتمثلان في السياق الذي يعيشه الإعلام بشكل عام بكل روافده، وكذلك الوافد الجديد، وهو وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انتقلنا من مستوى خرق أخلاقيات المهنة إلى مستوى حرية التشهير”. وأبرز الإذاعي المغربي، أن آفة التشهير ارتبطت خلال السنوات الأخيرة بسياق سياسي معين، كانت بدايتها من تحت قبة البرلمان ابتداء من سنة 2011، عندما مارس سياسيون عمليات التشهير ببعضهم، وهو ما جعل العديد من الأفكار تروج عبر وسائل الإعلام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تحولت بسرعة إلى قناعات مفادها أن ذات التشهير ليس سوى حقائق. لكتن ثقافة التشهير، بحسب الرمضاني، وجدت لها أرضا خصبة، تتمثل في جمهور جائع للمادة الإعلامية التشهيرية، حتى أصبحت حرية التعبير تقاس بمصطلحات ك”كلاشاه، عطاه العصير..”، وهي تعابير عنيفة تعطينا استنتاجا أساسيا بأن هدف التشهير ليس إخباريا، بل انتقاميا أو تعبيرا عن الحقد. من جهته، اعتبر الأكاديمي عبد السلام بنحدو، عميد كلية الحقوق بطنجة سابقا، أن لا وجود لقوة يمكن أن تضبط الممارسة الإعلامية أكثر من ضميره. موضحا أن القاعدة القانونية دائما تحتوي على ثغرات ونقائص من منطلق أن “من وضع القانون فقد وضع الحيلة”. ووصف بنحدو، التشهير وانتهاك الحياة الشخصية للأفراد، بأنه ظاهرة خطيرة وأخطبوط متفشي في المجتمع. مبرزا أن الردع القانون يتجسد في عقوبة واحدة وهي السجن ثلاث سنوات نافذة، ويمكن أن تصل إلى خمس سنوات في حال تعلق الأمر بقرابة عائلية أو أسرية. من جهته، اعتبر الصحفي رشيد البلغيثي، أن خطورة التشهير تكمن في الأثر الذي تخلفه في النفوس، والدمار التي تحدثه داخل الأسر. محذرا من أنها “جريمة قادرة على محو كل ماض نظيف، وتدمير مستقبل ضحاياها”. وانتقد البلغيثي، التجاوز عن “نشر فيديو لمعتقل عار إلا من سروال داخلي (..) والحكم على شابة بأنها زانية ومجهضة رغم أنها لم تحاكم بعد”، في إشارة منه إلى ما حصل مع معتقل حراك الريف ناصر الزفزافي والصحفية هاجر الريسوني، مبرزا أن هذا حصل في وقت توجد فيه فصول قانونية تتحدث تعاقب على انتهاك خصوصية الناس بالسجن أو الغرامة أو هما معا”. ومن جانبه، أبرز الرئيس الجهوي لنادي قضاة المغرب، عصام بنعلال، أن النيابة العامة تمارس دورها، رغم أن عملية التشهير قد تنفلت من سياق قانوني مضبوط، مبرزا أن السياسة الجنائية تعمل على تحقيق معادلة ذات شقين: حماية حرية التعبير، وحماية النظام العام. وأضاف بنعلال، أنه لا يمكن اعتبار الحديث عن جريمة تشهير عندما يتعلق الأمر بقضية مرتبطة بالشأن العام، خلافا لما هو الأمر عليه حينما يتعلق الأمر بالحياة الشخصية للأفراد.