“منذ حداثة سني، كنت أحلم بأن أصير فنانة أو رياضية. لقد تعلمت، رغم إصابتي بمرض تسبب لي في شلل على مستوى الأطراف، أن أعيش الحياة وأن أرسم بالاعتماد على جوارح لم تكن في الحسبان”.. بهذه الكلمات المفعمة بالحسم والعزم، والإرادة والاقتدار، لخصت الفنانة التشكيلية كريمة الجعادي مشوارها الفني. فلا يمكن للزائر، وهو يتجول بين أزقة الأحياء العتيقة لمدينة أصيلة، أن لا ينتبه لوجود الفنانة التشكيلية كريمة الجعادي التي أبدعت ألواحا زيتية رائعة تجسد لمناظر طبيعية ومآثر تاريخية وتقاليد مغربية، وسط إعجاب جمع من المارة والسياح، سواء كانوا مغاربة أو أجانب، يتحلقون لتأمل معروضاتها، ولكن أيضا براعتها في الرسم باستخدام رجلها اليسرى. وتستوحي الفنانة كريمة لوحاتها الفنية من حب يقترب من متابعيها، ومن واقع معيش سحيق، يرجع إلى ذكريات الطفولة، القاسية تارة واللطيفة تارة أخرى، لكنها تظل ملآى بالخيال، خاصة خلال تلك الفترة التي كانت تتابع فيها بشغف برامج الأطفال على شاشة التلفاز. وعن شغفها بالفن التشكيلي، تقول كريمة المنحدرة من مدينة القصر الكبير، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بابتسامة بريئة وعفوية يعلو محياها الجدية التي كانت تظهرها عندما كانت صغيرة، أن هذا الولع يعود إلى مرحلة الطفولة، عندما كانت تشاهد برامج فنية على التلفاز. وتابعت، موجهة أنظارها نحو التطور الحاصل في أعمالها الفنية، “في البداية، كانت البورتريهات الصغيرة التي رسمتها باستخدام فمي بعيدة كل البعد عما كنت أرغب فيه وأتخيله”… إلا أن كريمة ستعيش لحظة “تاريخية” ستشكل منعطفا حاسما في حياتها عامة ومسيرتها خاصة. وهكذا، ستخضع كريمة لعدد من العمليات الجراحية التي ستؤثر بشكل كبير على مسيرتها الفنية، إذ سيصبح بإمكانها أن تحرك رجليها. ومنذ ذلك الحين، ستغير كريمة من منهجية عملها وسيصبح للوحاتها الفنية معنى آخر وزاوية مختلفة. وتقول كريمة في هذا الصدد “مع توالي السنين، بعد إجراء العمليات الجراحية اللازمة، وبفضل الإرادة والحب المكنون للفن والرسم، بدأت في التعود على استخدام أقدامي رويدا في الاتجاه الصحيح وجعل فرشاة الرسم أداتي الوحيدة للتعبير وربح حب عدد من المعجبين”. وأضحت كريمة اليوم، من الوجوه الفنية البارزة على الصعيد المحلي وحتى الوطني والدولي. إذ لا يمكن لأي شخص يحل بالمدينة البيضاء، أن لا يسأل عن كريمة ومكان تواجدها لتأمل معروضاتها الفنية وموهبتها التي تحدت الإعاقة، ولما لا اقتناء بعض لوحاتها التي تظل ذكرى للمار بالمدينة. وشاركت الفنانة التشيكلية، في عدد من المعارض، حيث قدمت أسلوبها الفني لعدد من المهتمين والمهنيين في مجال الفنون التشكيلية، إلا أنها أعربت في المقابل، عن أسفها لعدم متابعة دراستها، إذا ما استثنيت بعض دروس محاربة الأمية في معهد إسباني. ووجهت الفنانة كريمة، التي يبلغ عمرها السنة الواحدة بعد العشرة الرابعة، نداء لتشجيعها على الاستمرار في الإبداع.. إنها دعوة فنانة عصامية ومبدعة استطاعت أن تتحدى الإعاقة وتلفت أنظار كل ضمير حي يشجع على الإبداع.