نرسم مسار فنانة تشكيلية شابة لم تمنعها إعاقتها من حمل الفرشاة وتفجير طاقة الإبداع في لوحات فنية جالت بها العديد من المعارض داخل المغرب وخارجه.. إنها كوثر عبد الإله، التي تفصح ل»المساء» عن علاقتها بالرسم، عن آمالها وأحلامها وعن الصعوبات التي تواجهها. قدّمت نفسها قائلة: «كوثر عبد الإله، رئيسة جمعية الاتحاد لمساندة ذوي الإحتياجات الخاصة في طانطان وعضو في النقابة الوطنية للفنانين التشكيليين، وأيضا مستشارة الاتحاد الوطني للفنانين التشكيلين في وضعية إعاقة، ومستشارة جمعية الجنوب للإبداع ومواهب ذوي الاحتياجات الخاصة في العيون.. إنسانة حساسة جدا تخفي وراء ابتسامتها آلاما ووجروحا دفينة، طموحة، قويّة الإرادة والإيمان». وتصف كوثر عبد الإله طفولتها وعلاقتها بالرسم قائلة: «لم تكن طفولتي سعيدة ولم أعيشها كباقي الاطفال، لأنني كنت في بداية مرضي وقضيتها أتنقل بين المستشفيات والأطباء.. أما علاقتي بالرسم فقد بدأت في تلك المرحلة وتحديداً في المدرسة، حيث كنت أتفوّق على التلاميذ في الرسم وكانت المعلمة تعجب بكل ما أرسمه وتعلقه على السبورة وتطلب منهم أن يرسموا مثله».. لم تؤثر الإعاقة في كوثر ولم تمنعها من معانقة الفرشاة، بل بالعكس، حيث أكدت لنا أن «الإعاقة والمرض كانا حافزين على العطاء ومعانقة اللوحة»، وتضيف قائلة: «باختصار فالمعاناة تولّد الإبداع».. ويُشعر الإبداع كوثر عبد الإله بالتعب، فاللوحة تأخذ من هذه الفنانة جهدا أكبر ووقتا أطول بالمقارنة مع فنان آخر، وكل لمسة من ريشتها هي خليط من لون الفرح والمعاناة والأمل إلى درجة أنها تنسى كل التعب عندما تكتمل اللوحة.. تعشق كوثر الألوان الأساسية، لأنها تُشعرها بالصدق والنقاء.. صادقة مثل قلب طفل صغير وتنقاد إليها في لوحاتها من دون أن تشعر، وتلك الألوان هي الأزرق الأحمر الأصفر والأبيض والأسود، وتطلق عليها لقب «ملوك الألوان». تقول كوثر :«لقد أعطتني اللوحة حبّ الناس واحترامهم وإعجابهم ومسحت من قاموسي العزلة والإحباط واليأس.. وتحتفل كل لوحاتي بالتحدي والنصر والأمل بمستقبل أفضل». على انّ ما يحزّ في قلب الفنانة التشكيلية كوثر عبد الله هو أنه «رغم المجهودات التي أبذلها لإبراز هدا الفن في إقليمطانطان وتمثيلي له في عدة ملتقيات جهوية ووطنية، فإنني لا أتلقى أي دعم أو تشجيع».. وتعتبر والدتها، التي تمتنّ لها كثيرا، خيرَ رفيق لها في الطريق.. ومن الصعوبات التي تواجهها، أيضا، مشكل تسويق منتوجها الفني، خاصة أنه ليس هناك اهتمام كبير بالفن التشكيليّ في المنطقة، والقدرة الشرائية للمواطن جد ضعيفة، مضيفة أنّ «لدى الفنان التشكيلي في شمال المملكة فرصاً وعروضا أكثر وقيمة فنية أكبر، عكس الفنان التشكيلي في الجنوب»، وهذا ما تحاول أن تغيّره، إلى جانب باقي فناني الجنوب المغربي.. وتتمنى كوثر عبد الله أن «يزدهر الفن التشكيليّ في مدينتي طانطان ويحظى بالاهتمام المطلوب وأن ترى أعمالي النور في جميع أنحاء العالم وأن أشارك في معارض دولية». وتختم قائلة: «لست فنانة تشكيلية معاقة فقط، بل إنني أعاني، أيضا، من مرض مزمن يستنزف طاقة أسرتي المادية، من أدوية وفحوص مستمرة.. وأنا في حاجة بالغة إلى عمليات زرع مفاصل اصطناعية كي أمشيّ من جديد.. ومع الأسف، فتكاليف هذه العملية باهظة جدا، لكنْ كلما كبرت العراقيل والصعوبات أمامي كبرت العزيمة والتحدي في قلبي.. والوصول متأخرة خير من ألا أصل، وسأصل، إن شاء الله»..