– محمد سعيد أرباط: حادثة التحرش الجنسي بإحدى الفتيات التي شهدها كورنيش طنجة في نهاية الاسبوع الماضي، لم تكن حادثة تحرش "عادية"، أي أنها لم تمر مرور الكرام كحوادث التحرش التي تحدث كل يوم، بل وصلت إلى العالم بأسره، ما يعني "شوهة عالمية". وكما يقولون، المصائب لا تأتي فرادى، بل تأتي مجتمعة على شكل هجوم مباغث، وهذا بالفعل ما حدث ويحدث لطنجة هذه الايام ومنذ أيام. جرائم قتل، واعتداءات بالاسلحة البيضاء، وسرقات، ثم في الاخير تحرش جنسي علني. هذا التحرش الجنسي الذي التقطته كاميرا أحد الهواتف، لم ينتشر على المستوى المحلي والوطني فقط، بل وصل إلى المستوى العالمي، حيث ظهر على مواقع اخبارية كبرى، كموقع "السي إن إن " الامريكي، وموقع صحيفة "ذي ميرور" البريطانية، وعدد كبير من المواقع الدولية المختلفة الناطقة بالاسبانية والفرنسية ولغات أخرى. كما أن مقالات مختلفة وقصاصات اخبارية عديدة تناولت حادثة التحرش الجنسي هذه، وقرأها قراء من مختلف دول العالم، قرأوا كيف حاول مجموعة من "المراهقين" تجريد فتاة من ملابسها بكورنيش طنجة، والتحرش بها عن طريق لمسها و"تحسس" جسدها، في تصرف يحكي عن بركان من "الكبت" مستعد للانفجار في أية لحظة لدى شريحة كبيرة من أمثالهم. مأسوية هذه "الشوهة" تزداد مع منظر ذلك الطفل الصغير التي كانت تحمله الفتاة المتحرش بها، وهي مأسوية يتحمل "ذنبها" أولئك الحمقى الذين لم يعيروا للوجود البريء لذلك طفل أي اهتمام، رغم أننا لم نفهم كيف يتواجد طفل في تلك الساعة المتأخرة من الليل وسط مجموعة من "المقرقبين" بدل أن يكون نائما في البيت، وهو سؤال يبقى جوابه مع تلك الفتاة. وبعيدا عن هذه التفاصيل، فإن حادثة التحرش الجنسي هذه، كان وسيكون لها بلا شك تأثير على مدينة طنجة، المدينة التي كانت إلى الامس القريب، مدينة الآمان والسلم، وملجأ الطالبين للحرية والراحة، والباحثين عن الجمال والالهام في مبانيها ودورها وأسوارها بين ثنايا مجد وعراقة تاريخها. فالتأثير سيكون في مجمله العام على سمعة المدينة، إذ صار اسمها في الاونة الاخيرة بارزا ومقرونا فقط بالجرائم والظواهر الاجتماعية الفاسدة، وفي شكله الخاص، على قطاع السياحة، وهو القطاع الذي تعتمد عليه المدينة بقوة في سيرورة عجلتها الاقتصادية، فكيف إذن يأتي السياح إلى المدينة وهم يدركون أن "أصابعا" جاهزة تنتظرهم لتخترق جميع "منافذهم" !. الواقع أن حادثة التحرش الجنسي بكورنيش طنجة، لم تقف عند محاولة "تعرية" فتاة ، بل تجاوزتها ف"عرتنا" أمام العالم، وكشفت عن صورة قبيحة عن مدينة طنجة، المدينة التي بدأت تنسلخ عن ماضيها الآمن والوديع، بسبب مثل هذه الحوادث المخجلة، وبدأت تتحول تدريجيا إلى تلك المدينة "المتوحشة" التي لا ترحم أحدا.