مليكة مجاهد من أصيلة (*): تحويل النوتات الموسيقية إلى ألوان وأشكال وحركات هو السحر الذي تمارسه الفنانة التشكيلية الشابة، غيثة الخمليشي، التي طورت طريقة فريدة من نوعها في الرسم بمزيج من الموسيقى من العالم أجمع. وتدخل هذه الفنانة الموهوبة، التي تشارك لأول مرة في الموسم الثقافي الدولي لأصيلة، مستلهمة الموسيقى، في حالة جذب تكون فيها للآلات الموسيقية وللكلمات وللألوان وحدها تأثير على دواخلها، بينما لوحاتها الفنية لقاء بين الإيقاعات التي تنفجر وتتولد عنها أشكال وأنغام تتفرق وتحدث باقة من الألوان. وعلى غرار الفنان التعبيري الأمريكي جاكسون بولوك، لا تستعمل الفنانة الشابة الرافع من أجل الرسم. فهي تضع القماش على الأرض مباشرة وتنحني فوقه. مع فارق أن بولوك يدع الصباغة تسيل من ريشته على القماش، فيما تلقي عليه غيثة الصباغة بيديها بقوة، ولكن أيضا بمهارة وحذق نادرين. وفي تصريح خصت به وكالة المغرب العربي للأنباء، قالت غيثة (19 سنة) "منذ طفولتي، انجذبت للموسيقى الصوفية، خاصة منها المغربية والتركية والباكستانية. وهذا الصنف الموسيقي هو الذي رمى بي في أحضان التشكيل". وأوضحت غيثة الخمليشي، في ابتسامة طفولية، أن الفكرة تولدت من لعبة أبدعتها بمعية شقيقتها وأطلقتا عليها "شغف الجذبة". وأوضحت الفنانة الشابة قائلة إن اللعبة "تتمثل في وضع كل شغفنا في الجذبة. والاستمتاع بالإنصات للموسيقى مع إلقاء الألوان في كل مكان". وتدريجيا، طورت غيثة هذه الطريقة الفنية الأصيلة، خاصة مع تطور التشكيل والموسيقى. وقالت "الآن، أقوم بوضع ألحان وأختار مقاطع يمكن أن يتم تجميعها"، وأفادت بأنها استطاعت أن تنجز خلال هذه الدورة من موسم أصيلة الثقافي الدولي ست لوحات (متر و60 على متر و20) شكلت رسما جداريا كبيرا في موضوع "تفاعلات موسيقية تشكيلية". وقد تم إنجاز هذا الرسم الجداري أمام الجمهور تحت إيقاعات ست مقطوعات من العالم أجمع، اختارتها الفنانة غيثة، التي استطاعت عبر 54 معرضا، أن تنفتح على العالم بزياراتها لكل من الولاياتالمتحدة وفرنسا والإمارات العربية المتحدة. وفي ما يتعلق بمشاركة محتملة في المسابقات لاكتشاف المواهب، أشارت غيثة إلى أن الأمر لا يتعلق باستعراض موهبة، ولكن ب"إحساس يهدئ العقول"، وقالت غيثة، بنبرة انفعال وعشق لهذا الفن، "يحدث أحيانا أن أبكي، بل أن يغمى علي في أعقاب الدخول في جذبة". واستطاعت غيثة، مدعمة من وسطها العائلي، أن تستفيد من دعم فنانين معروفين، من أمثال عبد اللطيف الزين ولوسيان فيولو، اللذين حفزاها على مواصلة السير في هذا المجال وتطوير موهبتها. وتدعو الدورة 37 للموسم الثقافي الدولي لأصيلة الجمهور إلى مشاهدة معارض ومشاغل للفنون التشكيلية والمنحوتات للأطفال، وتقديم إصدارات جديدة، فضلا عن سهرات موسيقية تحييها نخبة من الفنانين وفرق وطنية وأجنبية.