يعرض برواق محمد الفاسي بالرباط، ثلاثة فنانين تشكيليين هم عمر العلوي البلغيتي وفتيحة بولمان ومحمد البركمي، وجميعهم من جيل واحد يجمعهم أنهم في عقدهم الأول من العمل الفني التشكيلي، إذ أطلوا جميعهم على جمهور أعمالهم الفنية في معارضهم الأولى منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة. ثلاثة فنانين شباب جميعهم يمارس التعليم للمادة التشكيلية، وجميعهم له تكوين أكاديمي فيها، يوحدهم العمر، والدراسة وتفرق بينهم اختيارات الاشتغال الفني مواد وألوانا وأشكالا وسندات وموضوعات. هكذا تذهب الفنانة فتيحة بولمان للسكن في غور المحيطات مجاورة أسراب أسماكها التي اختارت موضوعا لها، حيث عشرات الأسماك تنطبع أو تلتصق على سطح اللوحة في تراصف جمالي يمنح حركتها إيقاعا يميل أ ويدور مع دوامات المياه الدائرية حينما يطغى الأزرق على فضاء اللوحة، أو في توزيع فوضوي للأسماك في اتجاهات مختلفة، حينما يطغى اللون الترابي على خلفية اللوحات. أسماك مرسومة أو مقطوعة من ورق الجرائد والمجلات أو غيره وبألوان متعددة لا تتماهى مع الألوان الفعلية للسمك كما هي في الطبيعة والحقيقة، لكنها تمنح اللوحات إيقاعات تكاد تحولها إلى سمفونية مسموعة، ورقصات مرئية، بل إن المكتوب منها، مما هو مقصوص في الجرائد أو من كتب النوتات الموسيقية، يحول هذه الأسماك إلى قصائد مقروءة أىضا. من جهته يختار الفنان محمد البركمي نهج السهل الممتنع ومجاورة رسوم الأطفال، في انطباعية تمتح من الوجدان مثلما من الذاكرة الأولى، مشتغلا على رموز وعلامات بسيطة يتكرر بعضها في ثنايا أعمالهم كالصليب والسهم والمثلث والمربع والدائرة وأنصافها والنبتة إلخ. أشكال بسيطة على خلفية، هي في الغالب بلون واحد، يتغير من لوحة لأخرى، كأن يكون أخضر في هذه، وأصفر أو أخضر أو أحمر في تلك، مع تلوين الأشكال بألوان مغايرة ومتعددة، مع توزيعها على فضاء اللوحات بنوع من التناغم والانسجام. أما الفنان عمر العلوي البلغيتي فيختار لنفسه أن يتميز عن زميليه السابقين، باعتماده في بعض الأعمال على سند الجلد بدل القماش، ثم على الصباغة النباتية بدل الصباغة المعروفة والمألوفة كالصباغة المائية أو الزيتية، لذلك نجد بعض أعماله تكاد تجاور أعمال فريد بلكاهية ومحمد زوزاف سندا وألوانا، بل حتى في بعض الأشكال، في حين يذهب في بعض أعماله التي يلونها بالصباغة المائية إلى ابتداع أشكال ذات جمالية خاصة، مع انتقاء الألوان المناسبة التي تظهر قدرته وتمكنه من مواد اشتغاله ودرايته بتوزيع فضاء أعماله امتلاء أو بياضا، لكنه على مستوى الموضوع يبدو وكأنه لا يزال يبحث عن مشروع لأعماله، ولم يغادر بعد منطقة التجريب.