طنجة24- السعيد قدري : ليس الأمر هينا على سيدة تحاول أخد جرعات من الدواء لإيقاف الألم الذي حل نبها فجأة بعد تناولها لسندويش داخل مطعم وسط مدينة طنجة، وليس الأمر هينا أن يقف شاب من أصول إفريقية متوسلا بعض المرضى مده بقليل من المال لإجراء فحوصات نتيجة أزمة تنفسية في قفصه الصدري، وليس الأمر هينا على سيدة حامل تبكي من شدة الوجع وهي تتوسل ممرضة المداومة بان تمكنها من عيادة الطبيب المداوم... إنه فقط غيض من فيض ما شهده قسم المستعجلات وقسم الولادة بالمستشفى الجهوي محمد الخامس بمدينة طنجة ليلة فاتح ماي ،ففي القوت الذي خلدت فيه الشغيلة في شتى أنحاء العالم هذا اليوم بكل حيوية ونشاط وأعطيت فيه الحرية للتعبير عن مطالب مشروعة، غابت كل مظاهر المساعدة من كل أقسام المستشفى الذي استقبل المئات من المرضى في ليلة غابت فيه أيضا الأطقم الطبية لدواعي ومبررات يمكن اعتبارها بالواهية . هذه أحوال قسم المستعجلات الساعة تشير إلى الثامنة مساءا انتقل فريق "طنجة24" إلى قسم المستعجلات بالمستشفى ، كان كل همنا الوقوف عند بعض التدابير المتخذة في مثل هذه الأيام التي تكثر فيه الحوادث ويكثر فيه إقبال المرضى على المستشفى ، هدفنا نقل حقيقة ما يجري داخل مستشفى احتفل فيه الأطباء والممرضون وإداريو المستشفى بالعيد الاممي قبل الشغيلة واكتشفوا أن الطريقة المثلى للغياب هو استغلال فرصة فاتح مايو للتنزه وقضاء أوقات ممتعة مع أسرهم وعائلاتهم على حساب مرضى ونزلاء لا يهمهم في يوم فاتح مايو سوى أمل في الشفاء . ارتأينا الانتقال في البداية لمتابعة كيفية استقبال المرضى داخل قسم المستعجلات الجديد داخل المستشفى والذي تم افتتاحه مؤخرا، دون أن يزيل افتتاحه ذاك الطابور الكبير من المرضى والمصابين، فوجئنا في البداية بعدد كبير من المرضى ومن بينهم مهاجرون أفارقة توسلوا كثيرا من اجل إجراء فحوصات طبية قبل ان يقذفهم الحارس الخاص داخل القسم إلى خارج المستشفى مبرره الوحيد أنهم لا يتوفرون على مبلغ لا يتعدى40 درهم لإجراء الفحص و75 درهم لإجراء فحص بالسكانير ، هؤلاء المهاجرون أصيب احد زملائهم بنوبة تنفس حادة، استطاعة تدبير المبلغ بعد مساعدة قمت لهم من احد المواطنين. الحارس الخاص بقسم المستعجلات تخلى عن مهمته الأساسية في تنظيم المرضى وتقديم المساعدة وأضحى يقوم بأشياء تافهة زادت من تفاهتها الاختلاء في مكان خاص لتصيد نقط ثمينة في لعبة "كاندي كراش" المحملة على هاتفه النقال..... اسر ومرضى ما إن وصلت الساعة العاشرة ونصف ليلا حتى ملئوا المكان بأنينهم الذي يدمي القلوب، هذا مريض أصيب في يده اليمنى، وتلك فتاة تعاني مغص الأمعاء، وذاك طفل يبكي ألما، وتلك سيدة ترافق زوجها بعد سقوطه داخل الحمام.... كل ذالك الطاقم الطبي المداوم يحاول جاهدا القيام بكافة المجهودات قصد العناية بالمرضى، إحدى طبيبات المداومة، قالت في تصريح للجريدة الالكترونية " نعم هناك نقص في الأطر الطبية ولا يجب أن ننسى مهمتنا الأساسية والتي من اجلها نعمل هذه الليلة حقيقة تضافرت جهود كثيرة للحيلولة دون تسجيل هذا الاكتظاظ في قسم المستعجلات فاتح ماي كغيره من الأيام من مسؤوليتنا التواجد داخل المستشفى ولكن ما باليد حيلة أمور كثيرة ما تزال تنقص القسم هناك خصاص كبير في الأطر الطبية واليد الواحدة لا تكفي. إحدى الممرضات قالت أيضا أنها غالبا ما تشتغل يوم فاتح ماي من كل سنة، قسم المستعجلات يختلف من مستشفى إلى آخر ومن مصحة إلى أخرى حسب مؤهلات هذه المؤسسة الصحية، والطاقم الطبي العامل بها ، الممرضة كشفت، أن العمل في المستعجلات الطبية لا ينقطع، ويدور مع تعاقب الليل والنهار، ويتناوب على الحراسة أطباء وممرضو وزارة الصحة وأطرها الذين يسهرون على استقبال المرضى ومدهم بما يلزم، لكننا -تضيف- نعاني الأمرين نواجه ظروف العمل بالليل، وانتم تشاهدون غياب أي حارس امني الأمر صعب جدا، نصطدم بمصابين من بينهم حمقى وسكارى ومشردين ومجرمين، مما يجعلهم في كثير من الأحيان عرضة للمشادات التي تتسبب لهم في مشاكل مهنية. الأجنحة المغلقة بالمشفى فريق "طنجة24" انتقل في جولة عبر أجنحة المستشفى تاركا قسم المستعجلات يغرق في فوضى عارمة زاده غياب عنصر امني فوضى أخرى ، انتقلنا لزيارة قسم الفحص بالأشعة ، بعد أن علمنا أن جهاز السكانير قد توقف عن العمل ، تأكدنا من الأمر بعد أن استوقفنا حارس خاص ، والذي أكد أن جهاز السكانير عاد فعلا للعمل بعد توقف لم يدم ساعة، وهي الساعة التي جعت مرضى كثر ينتظرون إجراء الفحص، بعدها كانت الوجهة زيارة عدد من الأجنحة الأخرى بالمستشفى ، فاجأتنا امرأة مستلقية على الأرض، مظهرها الخارجي يدل على انتمائها لفئة اجتماعية فقيرة، وقفنا بجانبها، سألنا زوجها عن السبب، كشف لنا الحقيقة مباشرة "من ليس له مال ليس له مكان في مستشفى محمد الخامس ، ومن ليس له معارف أيضا لن يقوى على الدخول وزيارة طبيب"، في الجهة الأخرى سيدة في عقدها الرابع انهارت في زاوية قرب قسم الإنعاش، تحدثنا إليها حاولنا كفكفة دموعها بعد أن أدركنا أنها في انتظار خبر عن طفلها الوحيد والمصاب بعد حادثة سير في الرأس"لا زلت انتظر الطبيب الذي سيجري لابني العملية لا ادري هل سيأتي أم لا " هكذا ختمت كلمتها قبل أن تطلب منها ممرضة مرافقتها. عشرات المرضى يمرون داخل أروقة المستشفى الوحيد بطنجة والذي أريد له أن يبصم بصمة سوء القطاع الصحي بالجهة وبالمدينة خصوصا منذ سنوات ، مرضى لم يرشدهم احد إلى كراس متحركة أو أسرة المستشفى المتنقلة، عدد منهم متأبطون بأكتاف عائلاتهم وأسرهم ، فعدد من الكراسي المتحركة أصابها الشلل التام تقول إحدى الممرضات والتي زادت ان لا حياة لمن تنادي في هذا المستشفى، كلما ارتفع عدد المرضى والمصابين كلما زادت الأمور تعقيدا داخل أجنحة المشفى،الحمد لله ما يزال في المستشفى أناس طيبون يتفانون في أداء مهامهم بكل صدق وإخلاص في الوقت نفسه هناك بعض الموظفين الذين لا يحسنون التعامل مع المرضى ولا يبالون بهم، وعدد منهم اختار الاحتفال بعد أخد شهادة طبية بفاتح ماي مع أسرته. قسم الولادة هنا الكارثة أنين ،صراخ،غياب طبيب وقابلات ، وازدحام.... مشاهد تتكرر يوميا أمام بوابة قسم اخترنا أن يكون ختام زيارتنا للمستشفى، واخترنا أيضا قضاء فترة طويلة به للنقل تلك الصور التي ما فتئت تدق من خلاله فعاليات جمعوية ومعها القابلات والممرضات والأطباء ناقوس الخطر لما يعانيه هذا القسم الذي يوجد تقرير شامل وكامل بالمعطيات والأرقام فوق مكتب وزير الصحة الوردي ورؤساء المصالح أن على المستوى المركزي أو المحلي . قسم الولادة بطنجة، انه القسم الذي لن يتنفس الصعداء إلا بزلزال يدمره عن أخره ، عبارة أطلقتها إحدى السيدات وهي تقف في انتظار الطبيب الذي سيجري العملية لابنتها الوحيدة في أول حمل لها بعد أربع سنوات من الزواج ، بحثنا كثيرا عن أجوبة لأسئلة عديدة التقينا نساء حوامل وطبيبات وقابلات الكل اجمع أن قسم الولادة بمستشفى محمد الخامس بطنجة وصمة عار على جبين الصحة في المغرب. لما دخلته"طنجة24"، كان طابور من الرجال والنساء، هناك من اتكأت على الجدار، وهناك من تأبطت فراشا، وقع بصرنا على امرأة في العشرينيات من عمرها ، كانت تبكي بشدة رفقة والدتها وزوجها، اقتربنا منها كي نسمع حكايتها ، تذكرت فقط كلمة واحدة "لقد طردتني الطبيبة من قسم الولادة...لقد طلبت مني أن اغاذر لان الم الولادة لم يحن بعد والطبيب الذي سيجري لي العملية القيصرية ليس حاضرا الآن، اذهبي إلى مصحة خاصة أحسن لك "...حاولنا استيعاب ما حل بهذه السيدة دون أن نلقى أي جواب إلى حين تمكننا من دخول قسم الولادة مستعينين بحيلة خاصة لنقل معلومات صادمة . المعلومات الصادمة هي" قابلات غائبات، أزيد من أربع أطباء غائبون دون تدخل عاجل من مندوب الصحة ومدير المستشفى ، الطبيب المكلف بالمداومة لم يكن سوى مدير مستشفى أصيلة والذي استقدمه مندوب الصحة بعد إلحاح كبير نظرا لكونه طبيب اختصاصي في النساء والتوليد، وهو أمر خطير وغير قانوني "بمجرد تأكدنا من هذه المعلومات ارتأينا الانتظار حتى منتصف ليلة الفاتح من ماي للتأكد أكثر من ما نقله مصدر موثوق لنا ، كان الأمر كالصاعقة مدير مستشفى مدينة أصيلة يقوم بدور طبيب مداوم خارج القانون ، وممرضات فضلن طرد سيدات حوامل لكسر حاجز الضغط على القسم الذي يستقبل أزيد من 35 حالة كل ليلة بما فيها حالات من العرائشوالقصر الكبيروأصيلة ، إنها كارثة كبرى حسب تعبير إحدى النساء التي حاولت جاهدة انتظار طبيب لإجراء العملية القيصرية لابنتها ، قبل أن تطلب منها الطبيبة العودة في يوم الغد ، نساء داخل جناح يتألمن أخريات فضلن الصمت وتكبد عناء الم المخاض في صمت ، وأخريات انتظرن كثيرا من يعطف عليهن بجواب حول وقت وضعهن . حارس القسم شاب صغير حاول تفهم أوضاع الجميع،أغلق باب القسم وبدا في استقبال حالات حرجة فقط ، حتى وان أشفق على إحدى السيدات فان طبيب المداومة لم يحضر بعد والساعة تشير الى الواحدة بعد منتصف الليل ، حاولت إحدى القابلات الاتصال به مرارا دون جدوى ، بدورنا هاتفنا مندوب الصحة والطبيب ومدير المستشفى غير أن الأمل بقة هو نفس أمل المرضى والنساء الحوامل اللواتي ينتظرن بقسم الولادة بطنجة. وقفنا بجانب أحد الرجال الذي كان حيرانا، هل ينقل زوجته إلى مصحة خاصة أم ينتظر، عيناه ترقبان قدوم الممرضة، سألناه عن ظروف الاستقبال فأجاب"لا يهم الاستقبال، ما يهمني هو أن تضع زوجتي في ظروف عادية" غير انه صدم في الأخير بعد أن طلبت منه الممرضة المغادرة لان الطبيب لن يأتي إلا في الحالات العاجلة والحرجة... تتبعنا مسار الرجل إلى غاية صبيحة اليوم حيث أكد لنا في اتصال هاتفي أن زوجته وضعت في مستشفى"الطاليان" وأدى مبلغ 10الاف درهم..... نسي آلام ما حدث له، دون أن ينسى ما تعرض له داخل مستشفى عمومي اسمه محمد الخامس. بعد قسط من الراحة، استطعنا التحدث مع عدد من القابلات والممرضات بقسم الولادة بمستشفى طنجة، الكثير منهم ابدوا تعاطفهم الكبير مع السيدات الحوامل ، وان ابدوا أيضا امتعاضهم الشديد من تصرفات عدد من القابلات وطبيبة خاصة بالقسم ، فان حديثهم عن ما يعيشه القسم يجعلنا نتساءل هل فعلا يوجد قسم للولادة بطنجة، وهل فعلا هذا هو السبب الكافي في وفاة عدد من النساء ومن بينهن نساء مهاجرات إفريقيات قصدن المستشفى للوضع فضاعت آمالهم وأصبحن في عداد الموتى. إحدى القابلات كشفت أن قسم الولادة يجب أن تحقق فيه معجزة كبيرة،إما عنى طريق زيارة ملكية مباغتة ، أو حادث مأساوي لا قدر الله ، أو افتتاح قسم ولادة آخر ، لا يعقل أن القسم ستقبل يوميا أزيد من 30 سيدة حامل ، ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل يتم استقبال نساء من العرائشوأصيلة ومن القصر الكبير وحتى من مدن أخرى أما النساء العازبات فلا حديث عن الأمر، ناهيك عن تصرفات عدد من النساء ومرافقيهم في وجه القابلات والممرضات وكثير منهن ما تعرضن لاعتداءات متكررة، لا ادري ما السبب أمر غير واقعي بتاتا العمل في هذه الظروف من جميع النواحي ، أسرة داخل جناح الولادة تبقى غير كافية لتغطية العدد الكبير من النساء اللواتي يلدن بمستشفى محمد الخامس . قابلة أخرى عملت منذ 6 سنوات أكدت ل"طنجة24" انه ورغم الاحتجاجات التي شهدها هذا المستشفى، والتي كان المحتجون يطالبون فيها بتحسين وضعية جناح الولادة، فإن إدارة المستشفى لم تلب مطالبهم، وما تزال وضعية جناح الولادة إلى اليوم تشهد تسيبا غير مسبوق يحتاج إلى فتح تحقيق عاجل من طرف الجهات المعنية، وهذه الجهات توصلت بتقارير أكثر من مرة ووقفت مكتوفة الأيدي لا حديث سوى عن قابلات فاسدات ، وأشياء أخرى لا يمكن لها أن تعطي الوضع الصحي بطنجة جرعة الأمل، حتى بعض الأطباء أنفسهم يعانون الأمرين كل ليلة . أثناء مغادرتنا بقليل مستشفى محمد الخامس والساعة تشير إلى الثانية ونصف ليلا، أوقفنا مشهد مؤلم سيدة فقدت جنينها بعد أن انتظرت رفقة زوجها الذي يعمل في قطاع الخدمات أزيد سبع سنوات أول مولود لهما ، بدأت معالم الحزن على أسرتها والزوج الذي ضاع أمله كما ضاع أمل سكان طنجة والجهة كلها في بناء مستشفى جامعي ومستشفيات متخصصة بعد مشاكل في العقار المخصص لهذا الغرض .