– متابعة: قال الحسين الوردي وزير الصحة ، أمس الأربعاء، إن رفع الحواجز على الإجهاض ستكون له آثار ايجابية على البلاد، معتبرا أن القانون الجنائي الحالي الذي يجرم الإجهاض، "أصبح متجاوزا". جاء ذلك خلال مؤتمر عن "الإجهاض التأطير القانوني ومتطلبات السلامة الصحية"، عقد اليوم الأربعاء، بالعاصمة المغربية الرباط (شمال). وأوضح الوردي، أن "رفع الحواجز على الإجهاض للحفاظ على الصحة البدنية والنفسية للأم وفي حالات الاغتصاب وزنى المحارم والتشوهات الخلقية للجنين، ستكون له آثار ايجابية على البلاد". واعتبر أن القانون الجنائي الحالي الذي يجرم الإجهاض، "أصبح متجاوزا ولا يستجيب للتحديات الحالية الخاصة بالحفاظ على صحة الام وتمتيعها بجميع حقوقها الإنجابية". وأشار الوردي، أن "الحكومة ممثلة في وزارة العدل تعمل على مناقشة الإطار القانوني والتنظيمي الخاص بالإجهاض الطبي في المغرب، في أفق مراجعته للاستجابة للحاجيات والتحديات المطروحة علينا حاليا، وذلك مع الاحترام الكامل للقيم الدينية والأخلاقية والخلفيات الثقافية للبلاد ووفقا لحقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا". وأضاف "أن الإجهاض بالمغرب تعتبر مشكلة صحية عمومية ومن أولويات الوزارة لما لها من عواقب وخيمة على مرض ووفيات الأمهات"، كاشفا عن مضاعفات الإجهاض التي تتسبب في حوالي 4,2 في المائة من مجموع وفيات الأمهات و5,5 من وفيات الأمهات الناتجة عن التعقيدات المباشرة للولادة. ونَوَّه الوردي إلى أن ما سماه "الإجهاض السري غير المأمون" ووضعية النساء اللواتي يتعرضن له والحمل غير المرغوب فيه أو غير المبرمج، "يشكل فاجعة بالنسبة للمرأة غير المستعدة لتحمل تبعاته، خاصة في حالة الاغتصاب أو زنا المحارم، مما قد يؤدي إلى سلوكيات تترتب عنها مضاعفات خطيرة ومميتة أحيانا تساهم في الرفع من نسبة وفيات الأمهات مع ما يترتب على ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية سلبية". وأضاف أن الإجهاض السري غير المأمون يتم غالبا في ظروف غير صحية والتي لا تحترم أبسط قواعد السلامة. وقال الوردي إن مجموعة من الفتيات والنساء يلجأن إلى وسائل بدائية باستعمال أدوات حادة غير معقمة أو أعشاب سامة او أدوية خطيرة للإجهاض، "خوفا من تبعات القانون الجنائي المغربي الذي يعاقب سواء مرتبكه أو الوسيط او المستفيدة منه بعقوبات حبسية تتراوح بين سنة وخمس سنوات"، مما ينتج عنه مضاعفات صحية من تعفن أو نزيف حاد أو قصور في جهاز التنفس، وكذلك على مستوى الكبد، مما قد يؤدي إلى الوفاة في ظروف مؤلمة، حسب تعبير الوزير. وأضاف أن "القانون الجنائي المغربي لا يسمح بالإجهاض الطبي إلا إذا استوجبته ضرورة المحافظة على حياة أو صحة الأم، ضرورة المحافظة على حياة أو صحة الأم"، مشيرا إلى أن "هذا يبقى صعب التأويل". وقال إن نسبة استعمال وسائل منع الحمل في المغرب بلغت 67.4 في المائة، وأن وزارة الصحة توفر وسائل منع الحمل مجانا لفائدة النساء المتزوجات في جميع التراب المغربي. بدوره قال محمد الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان ، إن "مسألة الإجهاض تشكل إحدى بؤر التوتر الفكري في المغرب، الذي يكاد أن يحدث شرخا مجتمعيا بين من يناصرون الحق في الإجهاض ومن يعارضونه"، مضيفا أن هذه المسألة تشكل حاجة مجتمعية ضاغطة إذا استحضرنا ما يمارس في الواقع. ودعا الصبار إلى فتح حوار عمومي رصين وهادئ حول إيقاف الحمل غير المرغوب فيه، أو إتمامه بشكل طوعي، وإعطاء مكانة خاصة للوقاية من الحمل غير المرغوب فيه، ومراجعة التشريعات الوطنية التي تحرم الإجهاض وحذف العقوبات التي تترتب عليه. من جانبه، قال مصطفى بنحمزة، عضو المجلس العلمي الأعلى، بعد أن لفت إلى أنه يتحدث بصفته الشخصية، ولا يمثل رأي المجلس، قال إنه "بموجب الحق في الحياة التي أقرتها حقوق الإنسان، فمن حق الجنين في بطن أمه هو كذلك أن يتمتع بهذا الحق". وأضاف أن " الانطلاق من مقولة الحق في الحياة لإباحة الإجهاض، يستدعي تعريف ما الحياة، أولا"، معتبرا أن الجنين منذ تخصب بويضة في بطن أمه فقد دبت فيه الحياة، ومضيفا "ماذا فعل الجنين حتى يعدم، وهل تسقط حياة إنسان بالظن". وعن الرأي الذي يقول بجواز الإجهاض قبل حلول الروح في الجنين، قال بنحمزة "إننا هنا نحدث عن الحياة، أما الروح فهي من أمر ربي بنص القرآن، ولا يعلم أمرها إلا هو". في حين قال سعد الدين العثماني الطبيب، ووزير الخارجية السابق، إن موضوع الإجهاض لا ينم عن توتر فكري في المتجمع المغربي، بل يعكس نقاشا حارا وحيويا، ويشكل إحدى المعضلات الاجتماعية التي تتداخل فيها تعقيدات قانوينة واجتماعية ودينية ونفسية، وتحتاج إلى حوار عميق. وقال العثماني إنه "آن الأوان لتعديل القانون الجنائي المغربي بما يوافق مقتضيات الفقة الإسلامي وبما يحقق مقاصد الحفاظ على صحة المرأة والمجتمع". واقترح العثماني تعديل القانون الجنائي المغربي الحالي، لكي يسمح بالإجهاض متى قام به علانية طبيب او جراح خلال الأسابيع الستة الأولى من الحمل إذا ترتب الحمل عن اغتصاب او زنا المحارم او مرض عقاي شديد للام الحامل، او خلال 120 يوما الأولى من الحمل بناء على طلب الوالدين إذا ثبت بواسطة البحوث الطبية والوسائل المختبرية أن الجنين يعاني به تشوهات او أمراض جينية، مع التدقيق في تعريف معنى التشوهات والأمراض الجينية.