بعد توقيع السلطان المولى عبد الحفيظ على معاهدة الحماية الفرنسية بفاس سنة 1912 دخل المغرب مرحلة الإحتلال فاقداً استقلاله، مما أدى إلى انتشار الروح الوطنية بين أبناء هذا الوطن. هذا التنامي المطرد سينتج عنه مقاومة قبلية مسلحة رافضةً للاحتلال. في هذه الظروف ظهرت أصوات تطالب بإصلاحات سياسية لمحاربة الاستعمار ما سيسمى فيما بعد بالحركة الوطنية والتي ستتوج بأول تنظيم سياسي أطلق عليه اسم "الرابطة الوطنية" ، والذي ضم زعماء ينتمون إلى الشمال والجنوب في رسالة منه إلى رفض المغاربة الإقرار بالواقع التجزيئي الذي فرضه الاستعمار. موجة الفكر الوطني هذه شملت كل فئات المجتمع بما في ذلك الطلبة المغاربة الذين وبالرغم من عدم تواجد جامعة في المغرب آنذاك شاركوا في التوعية بقضية المغرب وضرورة حصوله على الإستقلال، حيث شهدت الحركة الطلابية في المغرب (في بداياتها) تنسيقاً بين الحركات الطلابية في كل من الجزائر وتونس. وقد كانت الجمعية العامة لطلاب الرباط واتحاد طلاب المغرب من أبرز التنظيمات التي كانت تنشط في عهد الحماية. في سنة 1953 وبعد إصدار وثيقة الإستقلال زادت حدة المقاومة المسلحة التي تستهدف الاستعمار وعملائه بشكل ملفت بالتوازي في كل من المغرب والجزائر، مما دفع فرنسا إلى نهج سياسات جديدة ستعقد على إثرها مفاوضات "إيكس ليبان"، المفاوضات التي سيسترجع بموجبها المغرب "استقلاله" سنة 1956. في نفس السنة التي حصل فيها المغرب على "الاستقلال" عقدت مختلف الجمعيات الطلابية مؤتمراً تأسيسياُ لأول تنظيم وطني يشمل كل طلبة المغرب وقد تم الاتفاق على "الإتحاد الوطني لطلبة المغرب (أوطم) " إسماً للمنظمة الطلابية الجديدة، وقد نص المؤتمر على حل كل المنظمات الطلابية التي كانت تنشط في عهد الحماية واعتبار أوطم المنظمة الشرعية الوحيدة لطلبة المغرب. ولأن التعليم لم يكن متاحاً لغير الطبقة الثرية، وبحكم الظروف السياسية والاجتماعية التي كانت تمر منها البلاد، ولأن حزب الاستقلال كان مهيمناً على المشهد السياسي في البلاد، ارتبط اسم الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بالحزب، وتم تعيين الملك الراحل الحسن الثاني(الذي كان ولياً للعهد آنذاك) رئيساً شرفياً للمنظمة. تماشياً مع سياسات حزب الاستقلال خرج مؤتمر أوطم الثاني (المنعقد بفاس سنة 1957) بتوصيات "وطنية" تطالب بطرد ما تبقى من الجيوش الفرنسية ومعاقبة عملاء الإدارة المتعاونين معهم. شهدت مدينة تطوان سنة 1958 مؤتمر أوطم الثالث الذي أعلن قطيعته مع حزب الاستقلال وبالتالي مع خط الحركة الوطنية التقليدية. جدير بالذكر أن نتائج المؤتمر "الأوطامي" الثالث جاءت كنتيجة طبيعية للظروف السياسية التي كانت تمر بها البلاد، بحيث عرف حزب الاستقلال انشقاقات داخلية سينتج عنها "الاتحاد الوطني للقوات الشعبية" سنة 1959. في مدينة أكادير سنة 1959 عقد الإتحاد مؤتمره الرابع الذي طالب بإصلاحات اقتصادية غير موضحاً موقفه من الانتفاضات الوطنية التي كانت تطالب بإستقلال حقيقي للبلاد وصلت إلى حد الانتفاضة المسلحة في الشمال الشرقي للبلاد (منطقة الريف) وفي مدينة مكناس. وقد جاء هذا المؤتمر بالتزامن مع مشاركة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية (المنشق حديثاً من حزب الاستقلال) في الحكومة مما يفسر موقف الاتحاد من هذه الانتفاضات. في سنة 1960 في الدارالبيضاء أعلن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب انتقاده الصريح للنظام الحاكم من خلال مؤتمره الخامس، إذ تم الإعلان لأول مرة عن التعاضديات كأجهزة للتواصل المباشر مع القاعدة الجماهيرية، كما تم الإعلان عن تقدمية وجماهيرية المنظمة ليختتم المؤتمر بإصدار "البيان الأزرق" الذي اعتبر الحكم الفردي المستبد سبب كل المشاكل التي تتخبط فيها البلاد. هذا ووجبت الإشارة "للاتحاد العام لطلبة المغرب" الذي تم إنشاؤه في مطلع الستينات من طرف حزب الاستقلال كبديل للاتحاد الوطني لطلبة المغرب الذي سحب البساط من حزب الاستقلال لصالح الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. ومع إنشاء "الإتحاد العام لطلبة المغرب" أصبح صراع أوطم صراعين، صراع بين السلطة والمنظمة الطلابية، ثم صراع بين الأوساط الطلابية. يتبع.. *طالب بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة