يعتبر موسم 2009/2010 موسما لا كالمواسيم بالنظر للمتغيرات التي يعرفها الشأن الجامعي، فهومن جهة موسم انطلاق تنزيل المخطط الاستعجالي، في ظل فشل منظومة التعليم ببلادنا، بعد التقارير الدولية والوطنية التي كشفت النقاب عن الأزمة التي خلقها الإصلاح الجامعي لسنة 2003. والذي طالما طالبت منظمة التجديد الطلابي بتجميده، وأشهرت عورات تطبيقه في عدد من المحطات النضالية والدراسية، كان آخرها الملتقى العلمي الرابع بالراشيدية موسم 2008. وهو من جهة ثانية موسم فتح آفاق جديدة في مشروع التجديد الطلابي، بعد محطة المؤتمر الوطني الثالث بسطات، شهر يوليوز من السنة الماضية، حيث كان محطة مفصلية – حسب ورقة الأولويات - في تقييم التقدم الحاصل في المشروع، وفرصة لاستكمال الرهانات التي رسمتها الأوراق التصورية المرجعية من خلال طرح أولويات قادرة على رفع منسوب التجديد في الفعل والعطاء. فهل أصبح الطلاب أمام منعطف تاريخي لرسم توجهات الحركة الطلابية المغربية؟ إن المتأمل في واقع الحركة الطلابية وما آلت إليه من تشرذم وانقسام، وما تبع ذلك من إجهاز على مكتسباتها، وحرمان الطالب من كثير من حقوقه المشروعة والعادلة، في مقدمتها حقه في تعليم وطني، شعبي، ديمقراطي وموحد، ليحس بالإشفاق والحزن على حاضرها. إذ إن المسار التاريخي للحركة الطلابية انتهى اليوم إلى تمايز ثلاث خطوط أساسية في التغيير، الأول يتبنى منطق الثورة بالتأصيل للعنف الثوري كمرجعية نضالية، دفعه إلى تبني مواقف معادية للمرجعية الوطنية ( الموقف المعادي للوحدة الترابية مثلا )، تتمظهر تجلياته في التحركات ذات الطبيعة الفوضوية لما يسمى "الطلبة القاعديون". والثاني يتبنى منطق القومة من داخل هياكل " الاتحاد الوطني لطلبة المغرب " المحظور عمليا، ويمثله طلبة العدل والإحسان الذين آمنوا منذ ميلادهم بمفاهيم المظلومية السياسية، ومارسوا إلى حد ما، نفس المنطق الثوري للحركة الماركسية اللينينة من خلال مواقفه من النظام. والثالث يتبنى منطق التغيير الإصلاحي المرتكز على قيم الحوار والعلم والتجديد، بعيدا عن منطق الثورة أو القومة، لأنها في نظره السبب في إنهاء الفعل الطلابي والممارسة النقابية الراشدة. هذا المنطق الأخير في التغيير تعزز بصدور كتاب " معالم في التصور النقابي " سنة 1998، ووثيقة "الخيار المستقبلي في العلاقات الفصائلية " في نفس السنة، من فصيل طلبة الوحدة والتواصل، جيث طرح - هذا المكون الطلابي الإسلامي - خياره الاستراتيجي القائم على الحوار والتفاعل الإيجابي بالعمل على تطوير العلاقات الإيجابية التي تم الانخراط فيها في المنتدى الوطني الأول للحوار الطلابي، إذ فتح نقاشات مع طلبة الاتحاد الاشتراكي والطلبة التقدميون المحسوبين على اليسار المعتدل، إلى جانب الحوار الثلاثي الذي انطلق قبل مع أطراف إسلامية على رأسها فصيل طلبة العدل والإحسان. لكن سرعان ما أعلن فصيل طلبة الوحدة والتواصل( القطاع الطلابي لحركة التوحيد والإصلاح )، الامتداد التاريخي لمنظور الطلبة التجديديون في سنة 1993، عن تأسيس منظمة التجديد الطلابي في مارس 2002، تحت مسوغ القطع مع تاريخ طويل من مراوحة المكان والارتهان إلى إشكالات تاريخية قديمة، وتجاوز حالة التشابك بين الفصائل ومشاريعها المتضاربة، ووضع إطارا الآية الكريمة " وقالوا إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم لمهتدون "، حسب ما ورد في ورقة التأسيس القانوني للقطاع الطلابي. فكان هذا التأسيس، محطة للتحول من الحالة الهلامية للعمل الطلابي إلى الحالة القانونية التي تتيح إمكانيات الاحتجاج المدني، والضغط على المؤسسات بشرعية القانون الذي يصاحبه فعل ميداني في الحرم الجامعي (تنظيم وقفات احتجاجية أمام البرلمان للمطالبة بالرفع من قيمة المنحة، إطلاق مبادرات، كان أهمها المباردة الطلابية ضد العدوان والتطبيع التي تنسق مع فعاليات مدنية، مراسلة وزارة التعليم... )، وأيضا كان مرحلة للتحول من العمل الطلابي ذي الطبيعة النقابية الصرفة إلى العمل الطلابي ذي المشروع المتعدد الأبعاد الثقافية والتربوية والعلمية. فهل تكون المنظمة بديلا عن أوطم، وهويتها مرجعية وحيدة للحركة الطلابية؟ إن القول بمرجعية وحيدة للحركة الطلابية يعني الانشغال بهوية وحيدة، أمام تعدد الاتجاهات الفكرية التي تؤطر الطلاب، وهذا غير معقول، ما دامت الجامعة البستان الذي تسقيه الأحزاب وكل المذاهب بأفكارها وخياراتها، ومادامت منظمة التجديد الطلابي منحازة لخيار ضمن الخيارات التي تتفاعل وتتطاحن في المجتمع. فالحركة الطلابية كانت على مر التاريخ تتفاعل مع الحراك الذي يعرفه المجتمع وتتأثر به، فإذا رجعنا مثلا إلى تاريخ الحركة الطلابية وإطارها " أوطم " منذ مؤتمر تأسيسه 26/12/1956 ولحدود مؤتمرها الرابع عام 1959، نجد سيطرة حزب الاستقلال على الإطار، مما جعلها تستمد كل أعرافها ومبادئها من مفاهيم الحزب – ذي التوجه السلفي المحافظ -، لكن بعد انشقاق الاتحاد الوطني للقوات الشعبية عن حزب الاستقلال، أخذت " أوطم " كل مضامينها الإديولوجية والسياسية والنقابية من هذا الحزب الاشتراكي. وهذا يثبت أن القول بهوية واحدة ومرجعية موحدة لكل الطلاب انتصار لخيار واحد على إدراك كل المجتمع، وهذا ضرب من الخيال على الأقل فيما ينظر إليه من مستقبل الأيام. وبذلك نخلص أن التجديد الطلابي ليست بديلا عن أوطم، فالمنظمة ما تزال متشبتة بالإطار النقابي التاريخي للطلاب، وما يزكي ذلك هو دعوتها مجددا في البيان الختامي للمؤتمر الوطني الثالث، إلى حوار فصائلي وطني من أجل إعادة بناء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب. كما جاء في وثيقة العقد الطلابي التي أفرزها التفكير الجماعي في المؤتمر الوطني الثاني بطنجة، والذي يشكل مضمون التعاقد القائم في فعاليات المنظمة ومكوناتها التربوية والعلمية والثقافية والنقابية، أن المنظمة تهدف أن تمكن العمل النقابي من رافعة مدنية على مستوى المجتمع، لذلك احتفظت بحقها في الممارسة النقابية والمطلبية في فصيل طلبة الوحدة والتواصل. إن أولوية التوسع والانتشار التي تشتغل عليها " منظمة التجديد الطلابي "، لا تعني أن ينتسب الطلاب بشكل آلي للتنظيم ولو معنويا ( كما وقع في أوطم ) وإنما تعزيز انخراط المنظمة مع محيطها وجعلها على قدر كبير من التواصل معه، وذلك بالتحول من مشروع متمركز على الذات إلى مشروع منفتح على الجماهير، قادر على استيعاب الواقع الطلابي والتأثير فيه لا التأثر به.