– محمد سعيد أرباط: شهدت الشهور الاخيرة من الاستعمار الانجليزي لطنجة، حضور موظف سامي في البحرية الملكية البريطانية إلى هذه المدينة، وهو "صامويل بيبيس" (Samuel Pepys) الذي اشتهر بتأليفه للمذكرات التي سجل فيها أهم الاحداث التي عاصرها. هذا الموظف الذي تعد مذكراته من أهم المذكرات الشاهدة على حوادث هامة في التاريخ الانجليزي، تحضر بين "أوراقها" مدينة طنجة بشكل بارز، حيث سجل فيها ما شهده خلال زيارته إلى طنجة قبل جلاء الاستعمار الانجليزي بشهور. وكان صامويل بيبيس قد توجه من انجلترا إلى طنجة سنة 1683 رفقة اللورد درتموث "جيورج ليدج" كسكريتير خاص له بأمر من الملك تشارلز الثاني، للوقوف على عملية اخلاء وتدمير طنجة بعد اقرار ضرورة التخلي عن هذه المدينة بسبب الحصار الشديد الذي كان المغاربة قد ضربوه على طنجة. في هذه المذكرات يصف صامويل بيبيس بتفاصيل دقيقة الحياة في طنجة والإنجليز المستقرين بها من الخواص والعامة، كما يصف سيرورة عملية تدمير الاماكن الحيوية لطنجة كالأسوار والمرفأ وإجلاء الرعايا الانجليز تمهيدا لإخلاء المدينة للمغاربة المحاصرين. وتعد مذكراته بخصوص طنجة في هذه الفترة من أهم المصادر التاريخية التي تقف على تلك الفترة الاخيرة للاستعمار الانجليزي لمدينة طنجة بشكل كاف، وهي الفترة التي لم تستمر إلا شهورا قليلة قبل أن تسقط في أيدي المغاربة سنة 1684. وطبعت مذكرات صامويل بيبيس لأول مرة بعد النسخة الاصلية سنة 1841 بالعاصمة الانجليزية لندن في مجلدين، بعنوان "حياة ومذكرات ومراسلات صامويل بيبيس"، وفي المجلد الأول توجد المذكرات الخاصة بمدينة طنجة بعنوان " مذكرات بيبيس، سفره وإقامته في طنجة" وتبدأ من الصفحة 325 إلى الصفحة 456. وكان الكاتب الانجليزي إدوين تشابل (Edwin Chappell) قد حرر المذكرات الخاصة بطنجة من مذكرات صامويل بيبيس وأنجزها في كتاب مستقل تحت عنوان "أوراق طنجة لصامويل بيبيس" (The Tangier papers of Samuel Pypes) سنة 1935 وعلق عليها. وتجدر الاشارة أن صامويل بيبيس علاوة على اعتلائه عدة مناصب سامية في البحرية الملكية البريطانية، فقد كان أيضا عضوا في البرلمان الانجليزي، وكانت ولادته في 23 فبراير سنة 1633 وتوفي في 26 ماي 1703.