– محمد سعيد أرباط: كان العديد من الباحثين والمهتمين بطنجة خلال الحقبة الدولية، يتوقعون مستقبلا مستشرقا لهذه المدينة، التي حابها الله بموقع استراتيجي فريد من نوعه، وكان من الممكن أن يتحقق ذلك، لولا الاهمال الذي طال طنجة بعد غروب شمس الحقبة الدولية وبزوغ فجر الاستقلال. من بين هؤلاء الكتاب الذين كانوا يستبشرون بمستقبل واعد لطنجة، نجد الكاتب والصحافي الفرنسي "فيكتور فيرنيي" (Victor Vernier) الذي أصدر مؤلفا بالفرنسية تحت عنوان رئيسي وثانوي (La Singuliére Zone de Tanger : ses différents aspects et ce qu'elle pourrait devenir si …) أو ما يمكن أن يقابله باللغة العربية كما ترجمه الكاتب المغربي عثمان بن شقرون " منطقة طنجة الفريدة:مظاهرهاالمختلفة وما يمكنها أن تصبح لو...". وهذا الكتاب الذي ترجمه إلى العربية الكاتب المغربي المذكور، كان قد نشره فيكتور فيرنيي سنة 1955 قبل سنة واحدة فقط من بداية الاستقلال في المغرب، بعدما قضى فترة مهمة بمدينة طنجة ودرس مختلف مميزات المدينة ومنطقتها الفريدة. ويركز الكاتب في هذا المؤلف، بعد ذكر الحقب التاريخية التي مرت بها طنجة، على الفترة الدولية لطنجة بكل مظاهرها، انطلاقا من التنوع الديموغرافي للساكنة، ومزايا النظام الدولي فيما يخص القوانين والتعاملات الادارية، ومميزاته في المجال الاقتصادي والصناعي والمالي، كعدم فرض ضرائب كبيرة على المقاولات والشركات العاملة بمنطقة طنجة على سبيل المثال. ويزيد في هذا الجانب، إبرازه لمميزات ميناء طنجة من ناحية الموقع الاستراتيجي الهام، ودوره في الحركة التجارية ومستقبله في هذا المجال، وهو الأمر نفسه ينطبق على المنطقة الحرة لطنجة التي يأتي على ذكر مزاياها الكثيرة التي تقدمها للمستثمرين الذين يستفدون من الاعفاءات الجمركية بالميناء، والإعفاءات الضريبية بالمنطقة الحرة. كما يقدم الكاتب في مؤلفه هذا، جرد كاملا للحياة في طنجة، وما تحتوي عليه من مواصلات ووسائل الاتصال، وظروف العيش بها من الناحية المادية، والمميزات التي تقدمها في هذا الجانب من وسائل ثقافية ورياضية، مع ابراز معالمها السياحية وأماكن الترفيه. وما يلاحظ في هذا الكتاب، نبرة فيكتور فيرنيي المنحازة إلى مدينة طنجة، حيث يعمل على دحض الكثير من الأفكار النمطية على هذه المدينة، كأنها مدينة للجواسيس والقرصنة والتهريب وغيرها من الأفكار التي يعتبر أنها مجردة من الحقيقة ومجرد تأويلات خاطئة. ويسير في المقابل نحو ذكر مميزات منطقة طنجة على صعيد كافة الجوانب كالجغرافية والقانونية المتعلقة بالنظام الدولي، ويستشرف بفضل هذه المميزات مستقبلا بارزا لطنجة على المستوى الدولي. وفيكتور فيرنيي هو كاتب وصحافي فرنسي، نشر كتابه المذكور سنة 1955م، وقد ترجمه مؤخرا الكاتب المغربي الطنجاوي عثمان بن شقرون، وأصدر طبعته الاولى باللغة العربية سنة 2008.