– المختار الخمليشي: بصوته الجهوري، الذي يفتتح أكثر من مقطع إنشادي بالصلاة والسلام على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، استطاع الفنان حسن الشرقاوي، أن يجعل من اسمه مرادفا لاسم أقدم مجموعة فنية متخصصة في الإنشاد الديني في المغرب، مجموعة"الهدى" المغربية، التي رأت النور في طنجة، خلال ثمانينات القرن الماضي، قبل أن يذيع صيتها في العديد من الأقطار الإسلامية وغير الإسلامية، كعنوان بارز في مجال الفن الديني الملتزم. ولد الفنان حسن الشرقاوي سنة 1978 بمدينة طنجة، ونشأ في بيئة أسرية محافظة، جعلته يميل إلى فن الإنشاد الديني منذ سن مبكرة من حياته، فكانت بدايته مع مجموعة "الهدى" المغربية، رغم صغر سنه، إلى جانب 22 فردا آخرين. استطاع حسن الشرقاوي، أن يدخل مجال الإعلام من بابه الواسع، من خلال برنامج إذاعي تبثه محطة "كاب راديو" كل شهر رمضان، تحت عنوان "طيب الكلام"، الذي يتم إعداده بتعاون مع منتدى الإبداع للمنشدين والمادحين المغاربة، الذي يعتبر الشرقاوي عضوا فاعلا فيه حاليا. في الألبوم الجديد "بها غني" الذي أصدرته مجموعة "الهدى"، وسيتم طرحه في الأسواق ابتداء من هذا الأسبوع، يحضر صوت الفنان حسن الشرقاوي رفقة زملائه من أعضاء هذه الفرقة الفنية، ليؤكد على مسار فني حافل ليس بالنجاح فقط، وإنما بصعوبات وإخفاقات لم تنل من عزيمة أفراد هذه المجموعة. وهي الجوانب التي سيحدثنا عن بعضها حسن الشرقاوي في هذه الدردشة مع صحيفة "طنجة 24" الإلكترونية. لكل تجربة ناجحة حكاية .. حدثنا عن حكاية مجموعة "الهدى" المغربية. حكاية مجموعة"الهدى" المغربية، هي مثل أي تجربة لأي فنان في هذا البلد السعيد، حيث كانت مدينة طنجة تعرف فراغا كبيرا في مجال الإنشاد الديني، في وقت لم تكن فيه هناك فرقا متخصصة في الفن الملتزم، الذي كان له جمهوره الخاص في تلك الفترة، والحمد لله في يومنا هذا، فالفن الملتزم يسمعه العادي والبادي من الناس. في ثمانينات القرن الماضي، كنت حينها طفلا صغير، جاءت فكرة التأسيس، من طرف أفراد هذه المجموعة، الذين كان عددهم 22 فردا، بهدف إحياء الحفلات والأعراس الداخلية في مدينة طنجة، قبل أن تنشق عنها مجموعة أخرى، عرفت فيما بعد بمجموعة "الاعتصام" الفنية. لو تحدثنا عن بعض ملامح فترة تأسيس مجموعة "الهدى"؟ التميز الذي كان يطبع مجموعة "الهدى"، هو أنها اختصت في مجالين من المجال الفني، وهما أغنية الطفل والقضية، القضية عامة، قضية الوطن المغرب، أو قضية الأمة ومن ضمنها القضية الفلسطينية، التي كانت خلالها مجموعة "الهدى" مختصة في أدائها بشكل كورالي ومتطور وبآلات موسيقية تقليدية. وهذا ما كان يميزنا، إلى جانب الكلمات، حيث كنا نتعامل مع شعراء كبار حاليا، أمثال الشاعر أحمد الصمدي ورشيد الراضي. ما كان يميزنا أيضا، هو الإبداع، كنا نقوم بإبداع ألحان وتسجيلها، كان لدينا أستوديو تسجيل مصغر، كنا نقوم بإنتاج أعمالنا الفنية، التي كنا نشارك بها في مختلف التظاهرات الفنية داخل المغرب وخارجه، وكانت تلقى نجاحا كبيرا، بفضل ما كانت تحويه من إبداع، فقد كنا الوحيدين في المغرب، الذين لديهم أعمال إبداعية خاصة بهم، وكانت تخلف أصداء واسعة خاصة في أوروبا خصوصا، التي كانت أشرطة المجموعة تصل إليها. وهنا أفتح قوسا، لأشير أن الفترة التي بدأنا فيها مشوارنا كان صعبا فيها أن تحقق الإشعاع المطلوب لعملك الفني، فلم يكن هناك تقنيات مثل الفيسبوك أو التويتر، وغيرها من الوسائل التواصلية الحالية مما هو متوفر اليوم. هل يعني هذا، أن الفراغ الذي كانت تعرفه الساحة الفنية في تلك الفترة، ساهم بشكل أو بآخر في نجاحكم المحقق اليوم؟ بالفعل، كان فراغ الساحة له دور كبير في نجاح مجموعة "الهدى"، ولو أنه ليس من السهل أن تكون مبدعا، فيجب أن تكون فنانا في الجانب الموسيقي وفنانا في الجانب المتعلق بمخارج الحروف، وغيرها من المجالات، لأن الفن ينقسم إلى مجموعة من التخصصات. ففي تلك الفترة، كان فراغ فعلي، فلم تكن هناك فرق إنشادية، كنا نحن الوحيدين في المغرب، باستثناء بعض الفرق المعدودة على رؤوس الأصابع، فكانت فكرة ناجحة، بفضل الله تعالى وبفضل الجمهور الذي ساهم في نجاح مجموعة "الهدى". فن الإنشاد الديني فرض وجوده بقوة في المغرب، لكن الملاحظ، هو أن قوة هذا الفن تتجسد أساسا في المجموعات الفنية، لماذا لا نجد منشدين منفردين بكثرة، كما هو الشأن في العديد من الأقطار الأخرى؟ في الحقيقة، الإنشاد فرض وجوده بشكل أو بآخر، لما يتضمنه من كلمات هادفة ولحن راقي وجميل، خالي من مجموعة من المعاني والأشياء التي تلوث الكلمة، وأنتم تعرفون ماذا أقصد بخصوص ما هو حاصل في مجال الغناء الماجن، فالفن الإنشادي لقي فراغا عند جميع الأسر. وإذا تكلمنا عن المنشد الفردي، فإن هذا موجود عندنا في المغرب، ولكن على رؤوس الأصابع، فالجانب المادي لا يسمح لأي فرقة أن تنتج منشد منفرد من داخلها، فذلك صعب جدا، فيمكن للمنشد أن يبدع وينتج عملا فنيا بشكل منفرد، ولكنه سيواجه مجموعة من العوائق، فالأمر عندنا في المغرب ليس كمثله في دول الخليج أو في أوروبا، حيث يمكن للفنان أن يجد هناك من يسهر على دعمه وتشجيعه إعلاميا وماديا وبكافة الوسائل التي يمكن بواسطتها صناعة نجم فني. على ذكر الإعلام، تشتكي العديد من المجموعات الفنية في المغرب، بأنها هي والإعلام خطان متوازيان. هل هذا المعطى وارد بالنسبة لمجموعة "الهدى"؟ يمكن القول أنه خلال فترة التسعينات، كانت مجموعة "الهدى"، خطا متوازيا مع الإعلام في المغرب، ولحد الآن وإن كان بشكل نسبي، غير أننا حاولنا بأنفسنا أن نطرق أبواب الإعلام، ونجحنا بنسبة يمكن القول عنها ّإنها ضئيلة في إيصال صوتنا إلى الإعلام المغربي في عدة برامج دينية، في الوقت الذي لم تفلح فيه بعض الفرق الفنية نجاحا في الولوج إلى الإعلام، ربما لأنها لم تبذل مجهودا في البحث عن أبواب لذلك، ولكن لا بد أن نشير هنا انه في المغرب، ما زال هناك دعمن إعلامي غير كافي للمواهب الفنية الإنشادية بشكل خاص. لكن الحمد لله هناك وسائط أخرى مثل الفيسبوك والتويتر، ساهمت بشكل كبير في التعريف بأعمالنا في العالم. لكن هناك فرق لم تحقق الإشعاع المطلوب بالرغم من وجود هذه الوسائط التي تحدثت عنها؟ الحقيقة أن الفرق التي لم تستطع الوصول إلى الإعلام، فهذا سببه بسيط جدا، فإذا كان الإنسان فنانا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، من حيث تحقيق شرط إطراب المستمع، فإنه سيصل إلى الإعلام بشكل أو بآخر، ولو لم يطرق هو الأبواب، فهناك من سيطرق بابه هو. فبالنسبة للفرق الإنشادية في طنجة والمغرب، فهي ستحقق إشعاعها الإعلامي، ولكن عليها أن تحاول تجديد مسارها الفني والوقوف على مكامن الخلل، لكن هذا لا يعفي الإعلام من مسؤوليته المتمثلة في أن يشد في يد الفرق الإنشادية الصاعدة. تعتمد الرؤية الفنية لمجموعة "الهدى"، على الاقتباس من معين التراث، سواء المغربي أو المشرقي. بالنسبة للشق المشرقي، هل يحظى أداء قصائد وأمداح من هذا الصنف بالتجاوب من طرف جمهور الملتقيات والمهرجانات الفنية خارج المغرب؟ ينبغي الإشارة أولا أنه رغم أن مجموعة "الهدى"، اختارت الجانب الإبداعي الخاص بها من حيث اللحن والكلمات، إلا أنها تقسم أعمالها بشكل عام، بين الإبداع المغربي والإبداع الخاص بها. حيث أنه لا بد لأي فنان أن يغترف من تراث بلده، وهنا أقول إن أداءنا لأي عمل فني من أعمالنا مقتبس من التراث، فإنه يلقى نجاحا كبير. وكمثال على ذلك، مؤخرا كان لدينا عملين فنيين، عبارة عن سهرتين تم تصويرهما بشكل احترافي، فقمت بعرضهما على بعض المنتجين في المملكة العربية السعودية، قصد استقصاء وجهة النظر لا أكثر، لكننا فوجئنا بإعجاب كبير من طرفهم، وهذين العملين اليوم يعرضان في قناة "الإرث النبوي" في السعودية. هناك جانب آخر، هو أننا في مجموعة "الهدى" بطنجة، حاولنا أن نميل إلى السماع والإنشاد الجبلي، وهذا المجال يدخل ضمن تخصصات عديدة تميز الفرقة من حيث التنوع، فعندنا تخصصات في مجال الإنشاد الشرقي، ومجال الإنشاد المغربي، بالإضافة إلى الإنشاد الجبلي بشكل خاص، الذي يرجع الفضل بشكل خاص في إنجاحه إلى الفنان محمد سعيد الأشهب، الذي يميل بشكل كبير إلى هذا الصنف من التراث. وسيكون الألبوم الجديد "بعها غني"المرتقب طرحه في الأسواق هذا الأسبوع متضمنا لهذا النوع من الإنشاد الديني. في ظل تزايد أعداد الفرق الإنشادية في المغرب، ومع أسبقية مجموعة "الهدى" إلى الساحة الفنية، هل يمكن اعتبار فرقتكم مدرسة في مجال الإنشاد الديني؟ الجواب عن هذا السؤال يفترض أن يصدر من طرف المنشدين الذين يمكن أن يقولوا لنا إذا ما كانت مجموعة الهدى مدرسة أم لا، غير أنه يجب الإشارة إلى أننا نتوصل برسائل من بعض الفنانين والمنشدين الناشئين، يؤكدون فيها أن تجربة مجموعة الهدى، تعتبر قدوة لهم ونموذجا يستحق أن يحتذى به. وفي غير مناسبة، نتفاجأ بالصدفة في بعض الحفلات أو الأعراس، بوجود أعمال لنا يتم أداؤها من طرف فرق أخرى، وهذا يسعدنا كثيرا، أن نجد فرقا إنشادية تأخذ من منبع مجموعة "الهدى". وهنا يمكن أن أقول لأن مجموعة الهدى مدرسة، لكنه سؤال لا بد أن يجب عنه أفراد الفرق الإنشادية في طنجة والمغرب.