ظل النشيد لإسلامي بالمغرب لفترة طويلة مجرد تقليد للنشيد الإسلامي المشرقي، حيث كانت أشرطة محمد أبو راتب ومحمد أبو الجود و أبو مازن وأبو دجانة والترمذي، تعرف رواجا كبيرا خلال الثمانينات بين أبناء الصحوة الإسلامية بالمغرب، إذ كانت أناشيدهم بمثابة الزاد الذي يستنهض الهمم، وكانت ألحانها وكلماتها تعمق مشاعر الفضيلة والاستقامة، حسب تعبير أحد أبناء الصحوة الإسلامية، كما كانت قضايا الأمة الإسلامية، حاضرة بقوة، مثل قضية فلسطين وأفغانستان والبوسنة والهرسك وكوسوفو. هذا التأثير دفع إلى تشكيل مجموعات فنية محلية من أجل إحياء حفلات الإسلاميين، سواء تعلق الأمر بزواج أوعقيقة أو أنشطة داخل جمعيات ثقافية أو سهرات طلابية، فكانت الكلمات مجرد تقليد للمنشدين المشارقة. تأثير رياح الشرق على النشيد الإسلامي بالمغرب، يرجعه الفنان رشيد غلام، في تصريح لـالتجديد إلى طبيعة نشأة النشيد الإسلامي داخل المغرب، الذي ظهر مع نشأة الحركة الإسلامية عموما سواء بمصر أو سوريا، ومادامت الحركة الإنشادية بالمغرب جاءت متأخرة ، يقول غلام، كان ضروريا من يقوم المقلد بمماثلة المقلد، لذلك كانت مواضيعها تابعة لما يحصل في الشرق، حيث كانت تدور حول القضية الفلسطينية وأفغانستان مثل ياقمم جبال سليمان وإن كانت هذه المواضيع لا تناسب الظروف المغربية. وأضاف غلام، أن من بين الأسباب أيضا، التي جعلت موضوع النشيد الإسلامي بالمغرب مرتبط بالشرق، هو كون الأناشيد الإسلامية ارتبطت بفرق غير متخصصة في المجال الفني، إذ أصبح مجموعة من الشباب يكونون مجموعات دون أن يكون أهل اختصاص أو فنانين أو أن يصنعوا لونا خاصا بهم مما جعلهم مجرد مقلدين. وبدوره يرى كمال عصامي، مسؤول شركة عصامي للإعلام والنشر والتوزيع، التي ظهرت في أواخر الثمانينات ومتخصصة في إنتاج وتسويق الفن الملتزم، أن الأنشودة الإسلامية تابعة للحركة الإسلامية ، فكما كانت هذه الأخيرة بالمغرب تتغذى من أدبيات الحركة الإسلامية بالمشرق، كان النشيد الإسلامي بالمغرب يحاكي نظيره بالمشرق، إضافة إلى القطيعة التي قام بها الإسلاميون مع تراثهم في فترة معينة، إذ كانوا يعتقدون أن كل وافد من الشرق هو الأجود، وكانوا منبهرين بالتراث الشرقي كثيرا، حيث كان أبو راتب وأبو الجود يتصدرون لائحة المنشدين. هذا الواقع لم يستمر كثيرا، بل عرف تغييرا خلال التسعينات، يقول المنشد المغربي غلام، خلال التسعينات خرجت الأنشودة الإسلامية بالمغرب عن قضايا الجهاد، وأصبحت تتجه نحو الأمداح النبوية، والأناشيد ذات البعد التربوي والروحي، وأضحت مرتبطة بالقضايا المغربية، وأصبح هناك إبداع وأصوات متمكنة، وإن بقيت الرموز التاريخية بالشرق محتكرة الساحة في المجال الفني رغم ظهور مبدعين شباب. وأكد غلام أن فرق الأنشودة الإسلامية بالمغرب أصبحت متميزة كما ونوعا مقارنة مع الشرق، وأصبحت تنهل من التراث المغربي مثل السماع المغربي الصوفي الزاخر، إضافة إلى تفوق المغاربة في مجال الإخراج. هذه التغييرات التي شهدتها الأنشودة الإسلامية، سماها عصامي بالمصالحة مع التراث، مبرزا أن شركته سعت لأن ينكب المهتمون على التراث المغربي، من أجل إرضاء الذوق المغربي المتعطش إلى الفن الملتزم، عبر تمحيصه ومراجعة بعض الأمور العقدية فيه، وإعادة إنتاجه، ما جعل العديد من المغاربة يقبلون على العديد من الإصدارات وإن كانوا ليسوا أبناء الحركة الإسلامية. ومن بين فرق الإنشاد المغربية التي كانت بدايتها ذات بدع مشرقي فرقة الهدي، حسب عصامي، غير أنها سعت لأن يكون إنتاجها مغربيا، والدليل في ذلك، حسب المتحدث نقسه، آخر إصدارها والمتمثل في الدعاء الناصري. هذه التطور، أكده حسن الشرقاوي ، نائب مسؤول مجموعة الهدى المغربية، عبر قوله في بداية الإنشاد الإسلامي كنا نأخذ من التجارب الشرقية، وكان المنشدون يتغنون بالجهاد والاستشهاد والشهادة، غير أن تحولات وقعت في مسار النشيد الإسلامي، فأصبحنا ننهل من التراث المغربي، كما أنا أصبحنا ننتج كلمات لها علاقة بالقضايا الاجتماعية، مثل الحديث عن المخدرات والحريك واليتيم والفقر. لكن هذا التغيير جعل قضايا العالم الإسلامي ما تزال حاضرة لدى مجموعة الهدى، لأنها تعتبر أن لكل لكل موسم إبداعه والنشيد الإسلامي لا بد أن يحضر فيه العالم العربي والإسلامي. ويظل التحدي الأكبر المطروح على المجموعات الإنشادية الإسلامية هو غياب الدعاية والترويج الإعلامي لها، إذ يعتبر رشيد غلام أن هذا النوع من الفرق لا يتم إبرازها إعلاميا، إلى جانب ضعف التسويق الذي اعتبره مازالت دائرته ضيقة، حيث تقتصر فقط على أبناء الحركة الإسلامية، في وقت نجد المنشد الإسلامي خارج المغرب يصبح نجما بفضل البترودولار. هاجس غياب الدعاية إعلامية لهذا النوع من الفن، أشار إليه كمال عصامي، قائلا إن معظم الفرق المغربية للأناشيد الإسلامية، لا تجد دعاية لها داخل المغرب، في وقت يستضيف التلفزيون الجزائري بعضها، وتروج لها العديد من المنابر الإعلامية الجزائرية.