يور ميدل ايست – كريستين بيتري (ترجمة محمد سعيد أرباط): " طنجة هي واحدة من الأماكن القليلة المتبقية في العالم التي يمكن أن تفعل فيها ما تريد دون أن يعتبر سلوكك خارجا عن القانون" هكذا قال الروائي الأمريكي ويليام بروز عن طنجة في الفترة التي كان الفنانون والكتاب والمسيقيون يشدون الرحال إليها حيث كان كل شيء ممكنا وقليل من المنع. هذا الميناء المغربي أغرى العديد من أولئك، كجان جينيه، جو أرتون، ومارك توين، وصامويل بيبيس، وترومان كابوتي، حيث سمح لهم للاستمتاع بحرية ودون قيود بحياة المخدرات والمغامرات الجنسية، وهذه هي العلامة التي تميزت بها المدينة عندما كانت وعاء تلتقي فيه جميع الثقافات قبل الاستقلال سنة 1956 أي حينما كانت طنجة منطقة دولية لا تحكمها إلا جزئيا بعض الدول الأوروبية. والتنوع الثقافي في طنجة لا زال حاضرا إلى اليوم، فطنجة خليط من الأوروبيين والمتوسطيين والعرب المسلمين إضافة إلى البربريين والافارقة، وهي إلى جانب تنوعها الثقافي وتاريخها الأدبي، تعد اليوم من أهم المدن الساحلية في الشمال المغربي التي لا تبتعد على الشاطئ الأوروبي سوى ب 40 كيلومترا فقط. هذا القرب من أوروبا، جعلها اليوم من أكثر المدن التي يلجأ إليها المهاجرون من جنوب الصحراء الافريقية وهم مستعدون للمغامرة بعبور مياه المتوسط أملا في الحصول على مستقبل أفضل في أوروبا. "لقد أخذ مني الأمر أربع سنوات للوصول إلى طنجة" هكذا صرحت مهاجرة نيجيرية وهي تتسول أمام باب القصبة وبيدها طفل صغير، ثم أضافت " ليس هنا ما يمكن فعله"، إنها تعيش ضمن ما بين 800 و 1000 مهاجر سري من جنوب الصحراء الافريقية في منطقة بوخالف التي تبعد عن مركز المدينة ب 15 كيلومترا، وهي الآن مستعدة لتتوقف عن حلمها والعودة إلى بلادها بعدما أصبح املها في الهجرة إلى أوروبا شبه مستحيل. هذه المهاجرة هي أيضا من ضمن حوالي 20,000 مهاجر من جنوب صحراء افريقيا يعيشون الآن في المغرب، وأغلبهم يتوجهون إلى الشمال لتجريب حظهم لعبور المضيق الذي كان مسرحا لنهايات مأسوية للعديد منهم، فيما آخرون قاموا بفتح مطاعم في طنجة، ومحلات صغيرة، أو يعملون كمرشدين سياحيين، مؤكدين بهذا الحضور على أن التنوع الثقافي في هذه المدينة لا يزال سليما.