انطلق مؤخرا في ألمانيا مشروع بتمويل حكومي يهدف إلى تقوية قدرات الآباء وأولياء الأمر من أصول أجنبية من أجل المساهمة في رفع نسبة النجاح المدرسي. وخبراء يدعون إلى تغيير مناهج التدريس بألمانيا ومراعاة التنوع الثقافي. تقول الدكتورة صوريا موقيت رئيسة شبكة الكفاءات المغربية الألمانية "للأسف التعليم في ألمانيا مجال نخبوي يفرض على التلميذ في سن مبكرة اتباع مسلك تعليمي قد يساعده على النجاح أو يقضي تماما على آماله في الحصول على فرص حسنة للنجاح الدراسي". وتوضح موقيت في حوار مع دويتشه فيله، أن "الأسر العاملة بشكل عام تكون بعيدة نسبيا بحكم وضعها الاجتماعي عن التعليم. ولأن أغلب الأسر المهاجرة هي من هذه الفئة ينطبق عليها الأمر نفسه. فتجد أبناءهم ودون إرادة منهم قد دخلوا في دوامة ومسار تعليمي لن يساعدعم على الحصول على شواهد عليا أو أحيانا حتى على تأهيل مهني يضمن لهم الدخول إلى سوق العمل". توعية الآباء والأبناء ومن بين الأهداف الرئيسية للمشروع "تقوية قدرات الآباء وأولياء الأطفال لكي يؤطرو أولادهم بشكل جيد خلال المسار الدراسي وتوجيههم قصد الحصول على فرص شغل أحسن" تقول السيدة موقيت. كما أن الطلبة سيستفدون كذلك من هذا المشروع وحتى الطلبة لم نغفلهم من خلال مشروع انطلق السنة الماضية في مدينة دورتموند ونعمل على توسيعه ليشمل أيضا ولاية هيسن" وأضافت ان المشروع يهدف "لمرافقة الطلبة من أصل مغربي في مشوارهم الجامعي من خلال توفير قاعدة بيانات للطلبة السابقين الذي سيضعون خبراتهم رهن إشارة الطلبة الجدد". وتقول كريستين شليش "في سنة 2011 نظمنا 15 لقاءا تدريبيا للآباء كما نظمنا لقاءات تدريبية للمشرفين على الورشات وفي العام المقبل سننظم الورشات في 15 مدينة ألمانية ونؤطر في كل مدينة 15 ورشة تدريبية". وفي مطلع هذا العام ستنظم وزارة الشؤوون الاجتماعية الاتحادية و"مؤسسة أوطو بينيديكت" بتنسيق مع شبكة الكفاءات المغربية الألمانية دورات تدريبية للعائلات تحت إشراف أخصائين تربويين حول: الطرق العصرية والبيداغوجية في التربية، مسألة التعدد اللغوي أي تلقين الآباء كيفية التعامل مع الأبناء بلغتين مختلفتين أي اللغة الأم واللغة الألمانية. مسائل التربية داخل الأسرة وتفادي صراع الأجيال وصراع الثقافات والقيم. توضيح النظام التعليمي في ألمانيا، كيف يمكن توجيه الأبناء توجيها صحيحا إبتداءا من روض الأطفال مرورا بالمدرسة فالثانوية أو مدرسة التكوين المهني أو الجامعة.
وعن سبب الإقتصار على الجنسيات الروسية والتركية والمغربية في تنفيذ برنامج تقوية قدرات الآباء وأولياء الأمر من أصول أجنبية من أجل تحسين نسبة النجاح المدرسي، تقول منسقة المشروع كريستين شليش من "مؤسسة أوطو بينيديكت" في حوار مع دويتشه فيله: "إختيارنا للجنسيات الروسية والتركية والمغربية جاء بناء على العديد من الدراسات التي أظهرت ان هذه الفئات هي الأكثر تضررا والتي يعاني تلاميذها من ضعف المردودية المدرسية". وعن دوافع التنسيق مع الجمعيات فالهدف منه حسب شليش هو "إعطاء مهمة التأطير للجمعيات القريبة من هذه الفئات والتي تفهم اللغة الأم والخصوصيات الثقافية للتلاميذ والآباء. المؤسسات الألمانية يصعب عليها التواصل معه بشكل جيد. كما نسعى إلى إعطاء فرصة لجمعيات لخوض تجارب مهنية في مجال دعم سياسة الإندماج". اهتمام خاص بتعليم الفتيات دويتشه فيله إتصلت بأحد المدرسين الذي يتوفر على تجربة كبيرة مع التلاميذ من أصول مغربية في مدينة هاغ فقال: "مثل هذه المشاريع مهمة لكن لايجب التركيز على الجانب اللغوي فقط، فهناك جوانب ثقافية يجب مراعاتها في المسألة، كدعم الفتيات أكثر. فالفتيات لهن حظوظ أقل من الأولاد وهذا يستمد مرجعيته من الثقافة التي تلقن في البيت". ويدعو ألتن ريشتار إلى "تأطير الفتيات نفسيا لكي ينجحن في إيجاد إستقرار في الحياة العملية من خلال ترك الإختار لهن دون ممارسة أية وصاية عليهن" ويضيف ألتن غيشتر أنه " لايمكن أن نعزل الجانب اللغوي عن الجانب الثقافي، الإجتماعي والنفسي. يجب تقديم يد المساعدة العلمية وأيضا المساعدة النفسية" موضحا ان "العديد من الفتيات يعتبرن المدرسة فضاءا للتحرر من ضغط الثقافة وسلطة الأبوين وهذا عامل لا يساعد على التعلم، إذ يجب خلق جو مناسب لذلك في الأسرة ويجب السماح لهن بالمشاركة في الرحلات المدرسية، الذهاب إلى المسرح والمشاركة في باقي الأنشطة". رفع أداء نظام التدريس البرفسور إدوارد هاوئس من كلية علوم التربية ومركز تكوين المعلمين في هيلدلبرغ ثمَّن المبادرة لكنه يتحفظ كثيرا من مسألة اختزال المشكل في الأسرة "لأن العديد من التلاميذ من عائلات متعلمة يحصلون على نتائج ضعيفة رغم أن الآباء يساعدونهم في القيام بالواجبات المنزلية ويقرؤون لهم القصص والحكايات قبل النوم، كماهو الحال بالنسبة للتلاميذ من أصول ايطالية". ويضيف هاوئس "أن العديد من التلاميذ نجحوا في مسارهم التعليمي رغم ان الآباء أميين". وبالنسبة للبرفسور هاوئس فالحل يكمن في "إعادة النظر في الطرق البيداغوجية المتبعة من طرف المعلمين في المدارس، ومراعاة التنوع الثقافي أثناء التلقين وأثناء إختيار الأمثلة لشرح درس معين" كما ينبه هاوئس إلى "خطورة التركيز على نقط ضعف التلاميذ في الجانب اللغوي وإغفال مواهبهم في ميادين أخرى كالفن، الرياضة والأعمال اليدوية".