تحاول الكاتبة الألمانية المغربية الأصل زينب المصرار في كتابها "البنات المسلمات، من نحن وكيف نعيش" نقل صورة واقعية عن حياة الفتيات المسلمات في ألمانيا، وإعطاءهن صوتا مسموعا في أوساط الرأي العام، فصورة الفتاة المسلمة في ألمانيا ما تزال مجهولة على نطاق واسع وتندرج طي الصورة السلبية العامة التي ترسم للمرأة المسلمة في ألمانيا. وعندما يحتدم النقاش من وقت لآخر في ألمانيا حول وضع الأجانب والمسلمين يتم الحديث عن هذا الموضوع بشكل عام، دون التفريق بين الأجيال الأولى والجديدة، بين الأباء المهاجرين والأبناء الذين ولدوا في ألمانيا، أو قدموا إليها في سن مبكرة، ونشأوا بين ثقافتين، الثقافة لألمانية وثقافة الجذور. وفي هذا الإطار لا توجه نظرة دقيقة إلى مدى تطور جيل الفتيات المسلمات واندماجهن في المجتمع. هذا الأمر شكل هذا دافعا لزينب المصرار، كما تقول في حديث مع دويتشه فيله، لتؤلف كتابا عن أوضاع الفتيات المسلمات والتجارب التي مررن بها في ألمانيا، وتشير إلى أنهن "حققن نجاحات كبيرة في شتى ميادين المجتمع الألماني". الفتاة المسلمة في ألمانيا زينب المصرار لدى عرض كتابها في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب وتستقي زينب أفكارها من تجاربها الشخصية، فكما تقول في حديث مع دويتشه فيله "في طفولتي المبكرة كنت أُسأل مرارا " هل أنت محجوزة لابن عمك؟ وهل أنت مختونة". وكانت وسائل الإعلام قد أثارت في التسعينات موضوع ختان الإناث على نطاق واسع، ثم دار الحديث حول إجبار الفتاة على ارتداء الحجاب، لاسيما بعد الثورة الإسلامية الإيرانية، وأتت أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001، فزاد الطين بلة، حيث زادت حدة الأحكام المسبقة عن الإسلام وبشكل خاص عن وضع المرأة المسلمة في ألمانيا، كما تشرح المصرار، وتضيف " أنا كسيدة مسلمة قوبلت ببعض التحفظات والأحكام المسبقة، لكن كثيرا من الأمور اتضح لي من خلال أحاديث مع نساء مسلمات من أصول تركية وإيرانية وأفغانية ولبنانية وسورية ومع ألمانيات اعتنقن الإسلام، هؤلاء حدثنني عن تجاربهن، فأدركت أن هناك الكثير لعمله" في ظل هذه الأحكام المسبقة قررت زينب المصرار كما تقول " القيام بنشاطات إعلامية تساهم في تصحيح الصورة المغلوطة المأخوذة عن المرأة المسلمة في ألمانيا". وتورد في كتابها عدا كبيرا من الأمثلة الإيجابية على التطور الذي حققته المرأة والفتاة المسلمة في ألمانيا، وتقول:" النساء المسلمات لسن مجرد نساء مسلمات، بل هن طبيبات وصاحبات شركات ومربيات وكاتبات و لهن حضور في شتى مجالات الحياة". وعندما تتحدث المصرار عن هذه الإيجابيات تعبر عن الأمل في "أن ترفع المرأة المسلمة صوتها في الرأي العام بثقة أكبر بالنفس وأن لا تترك المجال فقط لنقاد الإسلام الذين يثيرون بأحكامهم العامة أجواء خطيرة في البلاد" وفي معرض بحثها تقول المصرار إن الشابة المسلمة تواجه في المجتمع الألماني وكذلك في جو الأسرة عددا كبيرا من الصعوبات، من ذلك مثلا في المدارس، وعدم الحصول على عمل إذا كانت محجبة، والتعرض إلى التحرش في الشوارع، وتعاني أيضا خلال فترة المراهقة، ومن انتقال العديد من التقاليد المجحفة بحق المرأة إلى ألمانيا مثل الزواج القسري وجرائم الشرف وغيرها. وتقول زينب:" إن النساء المسلمات مطالبات بمقاومة هذه التقاليد البالية وبتنمية نوع خاص من التضامن بينهن يوصل في النهاية إلى حماية الفتيات من هذه الممارسات". وتطالب الباحثة الألمانية من أصل مغربي الأم بتحمل مسؤليتها في تربية البنت. "رد على طروحات سارازين" يختلف جيل البنات المسلمات اليوم في ألمانيا، كما تقول زينب المصرار، عن الجيل الأول، فهو يتقن اللغة، ويعرف المجتمع الألماني أكثر من جيل الأمهات، من هنا تقع عليهن مسؤولية التوفيق بين الثقافتين اللتين ترعرعن في أوساطهما، و"تطوير ذلك إلى نموذج حياتي جديد، وثقافة جديدة تتفاعل مع بعضها وتستمد من بعضها المفاهيم والأفكار وتساهم كل واحدة منهما في تطوير الأخرى". كتاب "البنات المسلمات" لزينب المصرار عرضت زينب المصرار كتابها في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، وهي تستخدم لغة صريحة وحادة في بعض الأحيان. وتعتبر المؤلفة كتابها هذا بمثابة رد على كتاب سارازين الناقد للمسلمين في ألمانيا؛ إذ تقول في مقابلة مع دويتشه فيله، "لأنني أعالج في كتابي كثيرا من الأشياء التي يتطرق إليها، كالتعليم، والكيان الأسري، والهجرة، وغير ذلك". لقد أرادت زينب المصرار أن تعرف القارئ على كيفية تطور الأمور في أوساط المهاجرين وتقول: "إن ما كتبت عنه هو بالفعل من واقع حياة النساء المسلمات". وقد لاقى كتابها اهتماما من قبل عديد من زوار معرض فرانكفورت للكتاب ممن يهتمون " بمعرفة الجانب الآخر". لكن الأديبة الناشئة تدرك أن الطريق التي تسير فيها ما تزال طويلة وتحتاج إلى كثير من العمل والجهد " طبعا ليس لدي الإمكانية الإعلامية مثل سارازين أو أليس شفارتسر، أو نقاد آخرين للإسلام". وهي تنكب في الوقت الحاضر على إعداد عدد خاص من مجلة "غزالة" يصدر في مطلع ديسمبر حول المسلمين الألمان. وكانت زينب المصرار قد أسست هذه المجلة، التي تعالج فيها بشكل خاص قضايا النساء المهاجرات، في عام 2006. منى صالح