في الوقت الذي انتظر فيه المغاربة وقتا طويلا ليسمعوا أو يروا حلولا لمشاكلهم العالقة و همومهم التي تزداد يوما عن يوم, وظروفهم الكارثية التي تتجه من سيء إلى أسوأ من بطالة و فقر و ارتفاع مهول في الأسعار و رداءة الخدمات الصحية و هشاشة التعليم,في ظل هذه الظروف يسعى المسؤولون عن هذا الوضع الكارثي لتحوير النقاش و إلهاء المغاربة عن مناقشة همومهم الحقيقية و الانسياق وراء أمور تافهة لا تهمهم في شيء. مناسبة القول هي خروج أنصار بن كيران الذي فشل هو و حكومته إلى حد الآن في إيجاد حلول واقعية لما تتخبط فيه البلاد من أزمة, ليقولوا مخاطبين عصيد ارحل في عيد العمال! هذه الحرب الشعواء التي تجند لها الشيوخ و الأئمة و الأتباع,هدفها لا يخفى على أحد,وهو كما قلنا توجيه بوصلة المغاربة لأمور جانبية لا و لن تفيدهم في شيء وهم يواجهون الأسعار الملتهبة في الأسواق و البطالة الحارقة و الموت المحدق بهم فيما يسمى بالمستشفيات و المدارس المهترئة و الطرق التي يستحيي المرء أن يسميها كذلك,والفساد المستشري في كل القطاعات من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين. والسؤال المطروح هو التالي:لنفترض جدلا أن عصيد سب الدين أو الرسول فمن يهتم بما يقول باستثناء تلك النخبة و الشباب المثقف الذي لا يمثل جناح بعوضة أمام الأغلبية الساحقة للشعب المغربي الغارق في الأمية و الجهل؟ ثم لنفترض أن الشعب يتابع كل ما يقوله عصيد أو غيره فهل سيغير ذلك شيئا من عقيدة المؤمنين بالإسلام دينا؟ الجواب واضح هو أن الإنسان المؤمن بدينه و الثابتة عقيدته لن يزعزعه لا عصيد و لا غيره,وهذا يعلمه جيدا الشيوخ الذين تولوا خوض هذه الحرب بالنيابة,إلا من كانت عقيدته مهزوزة فهو يبحث عن الأعذار و لا يحتاج إلى عصيد ليشككه في إيمانه,ففيم ينفع كل هذا الضجيج إذن؟ الأمر المؤكد كما قلنا سلفا هو أن الغالبية العظمى من المغاربة لا يعرفون عصيد,ولو سألتهم عنه,فلا تستغرب أن يظنوا أنه شيء يؤكل أو يشرب,فأين لهم أن يعرفوا و يفهموا ما يقول؟ المؤكد كذلك أن من يعرفه المغاربة تمام المعرفة هو بن كيران الذي مازال يطالبهم بمنحه مزيدا من الوقت لتحقيق ما وعدهم به,ولا نعرف كم من الوقت تحتاج إليه حكومته لنرى ما تحققه على الأرض,هل سيظل المغاربة ينتظرون إلى 2015 هجرية,و هذا هو النقاش الحقيقي الموضوع على الطاولة؟ إن النقاش الجوهري الذي يحاول الشيوخ و الأئمة و بن كيران إشغال الناس عنه هو الانجازات الحكومية و المشاريع المستقبلية و التدابير المتخذة لمحاربة الفقر و آفة البطالة و مناهضة الفساد والتهميش و الإقصاء,هذه هي أكبر هموم المغربي,يناقشها الأمي في بيته مع عائلته وفي المقهى مع زملائه و المثقف في الجامعة و المدرسة و مقر العمل,يناقشها الكبير و الصغير,أما ما يقوله عصيد فلا يتعدى بضعة مثقفين .