من الظواهر الصحية التي صاحبت البرامج الإذاعية الرياضية منذ تحرير القطاع ، منح فرص الإدلاء بالرأي لشريحة مختلفة من المستمعين ، نسبة كبيرة منها تصب نحو الخطاب غير المبني على حجج او نقاش من منطلقات منطقية، محكما الذوق والانطباع، ونسبة محدودة تنم عن اكتساب تجربة وثقافة رياضية صقلتها سنوات من التتبع والتكوين الذاتي عبر وسائط متعددة ... وهدفا منا في تسليط الضوء على بعض جوانب هذه الظاهرة ، سنركز على عينات من تدخلات مستمعي كل من محطة راديو مارس بالبيضاء، ومحطة راديو بلوس بأكادير، كمجرد انتقاء لاينفي عن البرامج الأخرى في قنوات إذاعية متعددة قيمتها في هذا الحراك والتواصل المباشر بين الإعلامي الرياضي وشبكة من المستمعين... خلال إحدى حلقات برنامج " تشكيلة مشكلة " على اثير راديو مارس، وفي اتصال هاتفي بمعده، أبدت مستمعة من القنيطرة انها بمجرد سماعها لصوت الإعلامي محمد أمين تحس ب" الشقيقة" في دماغها ، بل وذهبت بعيدا في تدخلها لتؤكد انها قبل البرنامج ابتلعت علبة مهدئات ، وطبعا رد الإعلامي كان أكثر من ذكي، دون جواب مماثل ، فربما نزعة " الكاك" تغلبت على المتدخلة، بطريقة تذكرنا بتعصب فصائل " الأولترا" لفرقها .. وخلال احدى تدخلات مستمع في برنامج " الحصيلة الرياضية" للزميل ابراهيم أمسدار، أشار إلى كون مدرب اتحاد ايت ملول لاقيمة له ، وبأن الخلل كله ينبع منه ، حتى اذا تساءلنا عن صفة وهوية المتدخل ، لكي نعرف على الأقل هل هو مؤهل لإطلاق مثل تلك الاحكام ، فإن الصورة تبقى مضببة، وبالتالي مثل تلك الاحكام الذوقية كثيرة في برامج إذاعية، بعضها تحس بصاحبه انه يضحك طربا لمجرد كلامه على الهواء مباشرة ( بشرى سيخلدها ربما ).. وفي تدخل آخر لمستمع لنفس البرنامج، سنلاحظ انه قال وبالحرف عن احد لاعبي الحسنية أنه " لم يعد يقدم أي شيء للفريق"، وبأنه كلاعب " لايعجبه " ، فتجشم يامديح العناء واسهر الليالي ، لتسمع مثل هاته الأحكام السهلة الجاهزة... وحتى لانسترسل في عينات من التدخلات الصوتية او الرسائل الهاتفية، نسجل الملاحظات التالية : 1/ عدم شجاعة الأغلبية في التعريف بهويتهم ( مثلا : محمد من تيزنيت، البشير من اكادير، ابراهيم من الدشيرة، جواد من البيضاء..).. 2/ عدم اعتماد تدخلات سليمة تستهدف بصيصا من الإقناع ، وفي حالات كثيرة يجهل المتدخل أسماء لاعبين هم جوهر انتقاده؟؟... 3/ تدخل شخصيات معروفة محليا، بطريقة محاولة تغيير رنة الصوت واتخاذ أسماء مستعارة ... 4/ لايتعرف المستمع نهائيا على نوعية علاقة المتدخل بالقطاع الرياضي، والتلعثم في الكلام يدل على تدخل دون تفكير ولا إعداد . 5/ الكل يدعي اتقان لغة الخطط والتاكتيك، وهذه طامة كبرى للأسف.. ما نتمناه كمتتبعين للإعلام بكل أشكاله ، هو ان نساهم في ترسيخ ثقافة رياضية تبتعد عن التطفل واستسهال أحكام ، تحاول التطاول على تخصصات في غير المتناول ، ففاقد الشيء لايعطيه، والاختفاء وراء أسماء مستعارة جبن في الإدلاء بالرأي، ومتى بدأت الأمور تتغير نحو ما فيه إفادة للرأي العام الرياضي، فإن حراكا مهما سيؤثر لامحالة على تقويم اعوجاجات قد تسجل على كثير من المستويات ... فتحية لمستمعي البرامج الإذاعية الرياضية ، وتحية لمعديها ، ولنعتبر الملاحظات مجرد " صدمة بدايات"... بقلم : محمد بلوش