هل يجوز التجريب على مستوى تكييف البطولات التابعة لجامعات البلدان النامية، بدل اعتماد نفس نظم بطولات الدول ذات الامكانيات المادية واللوجستية، خاصة في اوروبا ؟ سؤال مشروع، سنناقشه من جملة من المداخل، منطلقين من مثال طريف للدوري الارجنتيني لكرة القدم، الذي لعبت جملة تغييرات نسقه دورا هاما في طابع المهارة والفرجة والجودة التي ستميزه، وبالتالي ستنعكس ايجابا على عطاء المنتخب الارجنيتي، سواء للكبار او الشبان، وعلى عطاء استمرارية مد اللاعبين المحترفين المهاجرين نحو اسبانيا، ايطاليا وغيرها من الدوريات المتألقة خلال السنوات الاخيرة.. في الارجنتين، يصعب على الصحفي تتبع الدوري، لأنه يخضع لشكل معقد، بدءا من تقسيم الفرق الى مجموعتين، كل مجموعة تتكون من 11 فريقا، تتنافس في الاصل على بطولتين في الموسم الرياضي الواحد وليس على بطولة موحدة.. تسمى لقاءات الذهاب ( الابيرتورا) وتجرى عادة في الفترة مابين شهري غشت وديسمبر، اما لقاءات الاياب فتعرف ب ( الكلوزورا) وتمتد ما بين فبراير ويونيو، عبر نظام معقد لا يتم فيه انزال اي فريق الا باحتساب نقط ثلاث سنوات كاملة، الامر الذي يعطي فرصا لاندية كثيرة من اجل رفع وتيرة التنافس و تفادي المتاعب التي قد تظهر على مستوى الموسم الواحد لظروف ما، متجنبة المصير المعتاد في بطولاتنا العربية مثلا بالنسبة لفرق ساهمت ظروف مؤقتة في نزولها ، خاصة الفرق الجوالة، التي تصعد للقسم الممتاز لتغادره في نفس سنة الصعود... هل النظام الاوروبي ملائم لكرة القدم المغربية؟ للجواب، وما دمنا نبحث عن تأهيل رياضي فعلي، فإن التحليل عليه ان يهتم بالقاعدة قبل الهرم، أي بما نسميه جزافا بطولة الهواة، حيث ان جغرافيا المغرب افرزت مجموعات غير متجانسة، كتكدس فرق سوس في شطر الجنوب، وهيمنتها على مستوى شطر سوس في القسم الثاني، علما بأن الصعوبات ستبدأ مباشرة في حالة صعود مولودية الداخلة يوما ما الى الاول هواة، وهو ما سيفرض على فرق سوس قطع 1200 كلم وزيادة في مبارياتها هناك، بل ماعسى فرق وارزازات ومراكش ان تقول؟ بل كيف يعقل الآن ان تتردد مثلا الساقية الحمراء، مولودية العيون، على اكادير ونواحيها باستمرار في حين لا ترتحل اندية سوس الى ابعد نقطة نحو الجنوب الا مرتين او ثلاث في السنة؟؟ ان نظام تقسيم فرق القسم الممتاز الى شطرين، سيخفف متاعب فرق كثيرة، لم يكن مشكلها يوما ما رياضيا، بقدرما كان ماديا محضا، كما سيجنب على مستوى امني من تكرار المباريات التي عادة ما تصاحبها حساسيات بين محبي الفرق، وهنا نشأ الشغب في السنوات الاخيرة، بل يمكن ان نضيف اليه سوء اداء التحكيم في مجمل اللقاءات، مع ملاحظة اساسية تكمن في عدم معقولية غياب اي حكم من عصبة الصحراء لكرة القدم في منافسات الكبار، منذ رحيل الحكم مولاي البشير العلوي المأساوي، حيث كان رحمه الله الحكم الوحيد الذي مثل تلك العصبة، وإن كان الحكم يارا يسير اليوم بثبات نحو نيل ثقة لجنة التحكيم بالمجموعة الوطنية... اننا لو اخذنا كمثال شباب المسيرة وحسنية اكادير من الجنوب، وخاصة المسيرة، لوجدنا ان المسافات التي يقطعها هذا الفريق طيلة 15 مباراة تختلف كثيرا عن المسافات التي تقطعها فرق اخرى، وان كانت مولودية وجدة، و اتحاد طنجة بدرجة اقل تعانيان نفس المتاعب، في حين نجد فرقا تستفيد من نوعية تمركزها الجغرافي، ولا يصل ضررها من الرحلات المكوكية مثل الحالات التي ذكرناها... ما العمل اذن؟ نحن نظن ان اولى خطوات التأهيل لا بد ان تنطلق من مراجعة نسق البطولات الوطنية ( نسق يجب ان نهتم من خلاله حتى ببطولة الشباب) ، واعادة النظر الفوري في التقسيم الحالي المعتمد في بطولة الهواة سواء القسم الاول منها او الثاني، لتخفيف الضغط المادي على مجموعة من الفرق التي من الممكن استثمار طاقاتها الكروية بدل نشر وعي التيئيس المبكر، مع ضرورة استعادة العصب الجهوية لدورها الذي تلاشى منذ اعتماد النظام الحالي، رغم المجهوذات الكبيرة التي قدمتها تلك العصب في مسار تاريخ كرة القدم الوطنية، فأصبحت الان مجرد هياكل ادارية صورية، بالرغم من ان اعضاء مكاتبها المديرية هم انفسهم من يتوزعون المهام في المجموعة الوطنية او في رابطة الهواة والجامعة، وهذا معناه العبث في احدى تجلياته، عبث افرز في الساحة الكروية المغربية مؤخرا تكتلات واحلاف غريبة، يكون دورها كل شيء عدا خدمة الكرة المغربية، لعل فصاحة الاستاذ الكرتيلي رئيس عصبة الغرب و اتحاد الخميسات في برنامج ( مستودع) في القناة الرياضية كشفت بعضا من مستوره، كفرض لاعبين معينين في المنتخبات الوطنية، و السعي نحو الفوز ببطولات مغشوشة، وغيرها من الاشياء التي فضحها الكرتيلي مشكورا، ولا زال غيره يواريها بالديماغوجية و التخفي... بقلم : محمد بلوش .