بالأمس ارتكبت إسرائيل مذبحة جديدة تضاف إلى رصيدها الوحشى حين أطلقت مدافعها على أسطول الحرية الذى كان فى طريقه إلى فلسطينالمحتلة لإيصال شحنات من الغذاء والدواء .. وسقط ستة عشر شهيدا .. ما حدث لم يفاجئني فهذا طبع إسرائيل لكن ما صدمنى وزلزل كيانى هو أن يخرج من بيننا من ينادى بالتحقق قبل أن نظلم إسرائيل ، وأن علينا الاحتكام إلى B.B.C لنرى موقف الطرف الثانى "المظلوم" الذى كان يدافع عن سيادة أرضه!!!!!!!!! فجعني أن يأتى هذا الهراء من مصريين يعتبرون نفسهم نشطاء من أجل الحرية ، وأى حرية ؟ حرية المعتدى والغاصب فى المزيد من الاعتداء والاغتصاب؟ أم حرية الذئب يمرح كيفما شاء بين الغنم؟ لست من المعارضين لاتفاقية كامب ديفيد بل أرى أنها كانت ضرورة حتمية فرضتها الظروف وكانت امتدادا لمبادرة روجرز التى وافق عليها عبد الناصر نفسه – وهو ما ذكره الأستاذ صلاح منتصر- وقد أتفهم سعى صحفى لإجراء حوار مع مسئول اسرائيلى ، ولكننى لا أفهم على الإطلاق معنى أن نطلق أيدى خبراء إسرائيل فى الزراعة ونحكمهم على أقدم أرض زراعية فى التاريخ ليعيثوا فيها الفساد، وأن يستقبل المسئولون المصريون مجرمى إسرائيل بابتسامة عريضة وبالأحضان! ولا أجد مبررا محترما لاتفاقية الكويز ولا اتفاقية الغاز ، ولا أفهم لماذا وكيف ومتى أصبحت كلمة شهيد كلمة سيئة السمعة وتدل على تطرف دينى !! أفهم أن تقف كندا أو استراليا مثلا على الحياد مما حدث بالأمس ، ولكن كيف يطالب مصرى أو عربى – بغض النظر عن ديانته- بالوقوف على الحياد ؟ كيف يعقل أن تطلب من أحد طرفى النزاع أن يقف على الحياد .. إن مصر وان كانت وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل إلا أن جروحها مازالت مفتوحة ومازالت تنزف مهما خفتت الأنات ، كيف طاوعك قلبك وضميرك أيها الناشط أن تنادى المصريون بالحياد والتحقق من موقف الطرف الثانى وقد نزفت مصر شهداءها منذ 1948 فى الصراع مع الكيان السرطانى الرابض على حدودنا الشرقية؟ ألهذا الحد هانت دماء شهدائنا؟ ترى لو بعثهم الله مرة أخرى ورأوا أن من ضحوا بأرواحهم من أجل أن يعيشوا حياة كريمة على أرض حرة تنكروا للشهداء وللتاريخ وللجغرافيا ؟ وكيف نقف على الحياد ونحن أصحاب القضية بينما العالم كله انحاز إلى جانب الضحايا ؟ كيف نقف مع الباطل ويقف الآخرون مع الحق – حقنا- كيف؟