كان واضحا منذ ان استجاب المالكي لمخطط ملالي ايران القاضي بنقل وتشريد الاشرفيين من مكان سكنهم الذي بنوه باموالهم وعرقهم وجهدهم الى اماكن اخرى في انحاء متفرقة في العراق , كان واضحا ان المخطط يقضي بارتكاب جرائم ضدهم لقتلهم كلا او جزءا , او في الاقل تثبيط عزائمهم وزرع اليأس في نفوسهم , واجبارهم على العودة مهزومين الى ايران . الهدف هو شل حركة منظمة مجاهدي خلق المعارضة لنظام الملالي , والحد من حركتهم داخل البلاد وخارجها . ولما كان المالكي اداة بيد نظام الملالي , وقد باع العراق لهذا النظام العتيد بالاجرام والقتل , حتى تحول العراق الى ساحة حرب انتقامية ضد الوطنيين العراقيين , الذين وقفوا بحزم ضد الاحتلال الامريكي وضد النفوذ الصفوي, الذي يستهدف طمس عروبة العراق واعادته الى القرون الوسطى ماديا وروحيا. ونظرا للمواقف الدولية والعربية المناصرة لحقوق الانسان تحول المخطط من تشتيت الاشرفيين في انحاء متفرقة في العراق بنقلهم الى معسكر ليبرتي الذي لا يحمل من معناه الا الاسم . وهو كما معروف معسكر للقوات الامريكية التي انسحبت, معسكر خرب لا يصلح للسكن, مساحته ضيقة جدا لا يتسع لعدد الاشرفيين , بل هو سجن كئيب مثل سجون القرون الوسطى . وعلاوة على ذلك فقد مارست قوات المالكي بمعاونة قوات القدس الارهابية التضييق علي الاشرفيين داخل المعسكر , ومنعت ادخال معدات توليد الكهرباء والاجهزة الطبية كما منعت حتى الالات الموسيقية وكتب الشعر , وما زالت تمنع المواد اللازمة لضمان الامن بعد المجزرة الاخيرة بحقهم . ولم تكتفي هذه القوات بكل تلك الاعمال المنافية لابسط حقوق الانسان , بل قصفت قوات القدس المخيم بالصواريخ عن بعد وما زالت تهدد بتكرار القصف , الامر الذي ادى الى مقتل وجرح عدد كبير من الاشرفيين العزل . مما اثار استفزاز الرأي العام فقد أستنكر 48 الفا من الحقوقيين والمحاميين واساتذة الجامعات والاطباء والمهندسين من كل من مصر وسوريه والاردن ولبنان وفلسطين والمغرب وتونس واليمن بتوقيعهم على بيان وكتابة رسائل الى السيد بان كيمون الامين العام للامم المتحدة وسائر الجهات الدولية المعنية .معتبرين هذا الاعتداء جريمة حرب تستحق الاستنكار باشد لهجة . وان الحل الوحيد لمنع حدوث كارثة انسانية رابعة اخرى هوعودة السكان الى مخيم اشرف , وهو بيتهم الذي عاشوا فيه 26 عاما. حيث تتوافر فيه ملاجئ وبنايات محصنة كونكريتية خلافا لمخيم ليبرتي الذي يتكون من كارافات واهنة دون اية ملجأ ومأوى يحتمي به ولا توجد فيه ادنى مستويات للامن والامان. واكدوا ان مسؤولية الهجوم تقع على ملالي ايران , اذ انهم لا يتورعون عن ارتكاب أي جريمة في خضم معركة الوجود واللاوجود -كما عبرت مريم رجوي - . لانهم منهمكون هذه الأيام على اقامة مشانق اعدامات جماعية للسجناء في عموم ايران . كما ان الاعتداء على السجناء أو قتهلم بطريقة الموت البطئ مازالت قائمة. الاعتقالات وأعمال الرقابة والسيطرة جارية بشكل جائر. وبات واضحا ان الملالي يريدون أن تكون الأممالمتحدة والمؤسسات التابعة لها في صمت وتقاعس تجاه هذه الحرب الهمجية. وقد تم الهجوم بمساعدة من عناصر في الحكومة العراقية ومارتين كوبلر الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة في العراق الذي مهد الطريق لتلك المجزرة من خلال عملية النقل القسري للسكان وتزييف الحقائق.وان فكرة «موقع مؤقت للعبور» هي فكرة فاشلة تماما، كما ان فكرة الضمانات بسلامة وامن السكان في ليبرتي ليست الا سراب. وان الطريق الوحيد لمنع مذابح قادمه هو الاسراع في اعادة السكان العزل من مخيم ليبرتي الى مخيم اشرف . وعلى الصعيد الدولي عقد مؤتمر في مقر الأممالمتحدةبجنيف يوم الخميس 28 شباط/ فبراير اكد المؤتمرون ان الخطر العاجل الذي يهدد في كل لحظة حياة ثلاثة آلاف من سكان ليبرتي هو انعكاس للأزمات التي يواجهها حكم الملالي وانتفاضة الشعب العراقي ضد المالكي , وان تكرار جرائم مثل مذبحة 9 شباط/فبراير في ليبرتي هو أمر مرتقب، لذلك لابد من العمل بكل ما بوسعنا للحيلولة دون وقوع كارثة أخرى ضد مجاهدي ليبرتي خاصة وأن السقوف والجدران الضعيفة القابلة للاحتراق وتراكم أعداد الأفراد بشكل مكثف قد زاد من نسبة خطورة الموقع بشكل كبير . وبالنتيجة فان انعدام الأمن في هذا المخيم هو خطر داهم واستثنائي يتطلب حلاً عاجلاً كون العراق أعلن رسمياً أنه لا يستطيع منع وقوع مزيد من الهجمات وأن ضمان الحماية من قبل العراق ليس خياراً. وأكدت الرئيسة مريم رجوي أن الخيارات الوحيدة الموجودة لتفادي هذه الكارثة الانسانية تنحصر في «نقل جميع الأفراد الى أمريكا من قبل الولاياتالمتحدهالأمريكية في وجبة واحدة» أو «اعادة جميع الأفراد الى مخيم أشرف الى حين نقلهم الى بلد ثالث» وأضافت قائلة: في مثل هذه الحالة فان المفوضية العليا لشؤون اللاجئين هي المشرف الدولي الصالح الوحيد الذي يجب أن تتولى المسؤولية عن سكان ليبرتي وأشرف باعتبارهم لاجئين . وتطالب رسيماً بعودتهم الى أشرف وأن تدخل في حوار مع جميع الدول المعنية والأممالمتحده لتحقيق هذه الضرورة الأمنية. وقالت مريم رجوي في كلمتها: ان الابادة الاجرامية التي طالت أعضاء المقاومة الايرانية في ليبرتي هي ناجمة عن كون نظام الملالي يعيش مرحلة السقوط وخوفه من معارضته المنظمة. ولكن لو كانت الأممالمتحده قد عملت بواجباتها لكان بالامكان تفادي هذه الكارثة كوننا قد أنذرنا ونوهنا مرات عديدة وخاصة قبل يومين من وقوع الاعتداء في رسالة الى الأمين العام بأن أداء الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يمهد الطريق لمجزرة أخرى. وأبدت رجوي أسفها عن صمت المفوضة السامية لحقوق الانسان تجاه الكارثة الانسانية ليوم 9 شباط في «سجن ليبرتي» وأكدت قائلة: الأمر الأكثر اثارة للأسف أنها قد لزمت أيضا الصمت تجاه موجة الاعدامات وتعذيب السجناء السياسيين وقمع أبناء الشعب الايراني وأنها لم تصر على اجراء تحقيق سبق ان دعت اليه بشأن مجزرتين وقعتا في أشرف . وقالت السيدة رجوي في كلمتها ان نظام ولاية الفقيه الحاكم في ايران يعيش مرحلة السقوط ويواجه مآزق متنوعة.. فالاعدامات المتواصلة التي تشهدها ايران تأتي من أجل احتواء الاحتقانات والنقمة الشعبية , وكذلك من أجل التغطية على أزمات النظام عشية الانتخابات الرئاسية الصورية. وأن الاعتداء على السكان العزل في ليبرتي ينجم عن خوف الملالي من المقاومة المنظمة في مثل هذه ألاوضاع. قبل ثلاثة أيام أعلنت قوة القدس لقوات الحرس وعلى لسان قائد أحدى مجموعة تابعة لها باسم جيش المختار أننا سنجدد الهجوم في مستقبل قريب على مجاهدي خلق , وأكد أنه يتلقى التوجيهات السياسية والعسكرية من شخص خامنئي الذي قد يشن اعتداء آخر في اية لحظة . وأكدت السيدة رجوي في جانب آخر من كلمتها: تشريد سكان أشرف من بيت بنوه على طول 26 عاماً ببذل جهود وامكانيات جيدة كان مخططاً أملاه النظام الفاشي الديني الحاكم في ايران على ديكتاتور العراق . ومع الأسف رضخ الممثل الخاص للأمين العام لتلك المهمة. وقد عمل كوبلر بالتنسيق مع مسؤولي نظام الملالي على تمرير هذا المخطط ونفذه باطلاق ثلاث أكاذيب كبيرة تتمثل في تطابق ليبرتي مع المعايير الانسانية وهو غير صحيح . والثاتية : والوعد بنقل سكان اشرف الى بلدان ثالثة |. والوعد الثالث هو ضمان الأمن في ليبرتي . وهو يعلم منذ البداية أن كل هذه الوعود الثلاثة لا حقيقة لها. وجاء مؤتمر جنيف الدولي متزامناً مع أحدث جولة من المفاوضات بين دول 5+1 مع نظام الملالي فيما يتعلق بالأزمة النووية للملالي. وأكدت رجوي اته بعد 40 جولة من المفاوضات فهل بقي مجال للشك بأن نظام الملالي لا يحمل أي رغبة ولا هو قادر على عقد صفقة أواتفاق حول برامجه النووية. فهذا النظام ليس قادراً على التخلي عن برنامجه النووي الذي خلق له كل هذه الأزمات كونه أضعف من أن يقوم بمثل هذه المناورات . وانه يعرف جيداً أنه اذا ما تراجع ولو لخطوة واحدة، سيسقط قريباً. خامنئي يبحث عن السلاح النووي كون حياة نظامه مرهونة بالحصول على السلاح النووي وانه لن يتخلى عن ذلك أبداً. وتكلم في هذا المؤتمر الذي عقدته مؤسسة فرانس ليبرته ومنظمة مراب، وبمشاركة شخصيات سياسية ومنظمات غير حكومية وناشطون في مجال حقوق الانسان كل من مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الايرانية واستراون استيفنسون عضو البرلمان الاوربي رئيس هيئة العلاقات مع العراق في البرلمان الاوربي وطاهر بومدرا المستشار السابق للممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحده في العراق ورئيس قسم حقوق الانسان في يونامي وآنه ماري ليزن الرئيس الفخري لمجلس الشيوخ البلجيكي والمقرر السابق لحقوق الانسان والفقر المدقع و آلفرد دو زاياس المقرر الخاص للديمقراطية والنظم العادل العالمي وسيد احمد غزالي رئيس الوزراء الجزائري الاسبق وميشل جولي الأمين العام لمؤسسة فرانس ليبرتي للسيدة دانيل ميتران الراحلة وريتشارد تشارنسكي عضو البرلمان الاوربي من بولندا وخوان غارسيه المحامي الدولي والمستشار السابق للرئيس الشيلي الراحل سالفادور آلنده وبائولو كاساكا عضو سابق في البرلمان الاوربي ورئيس مؤسسة قيم أبناء البشر و كريستين سيمرمن رئيس مكتب حقوق الانسان وشؤون الاقليات في برلين. وعلى صغيد الداخل قامت قوات مكافحة الشغب عصر يوم الأربعاء 27 شباط/ فبراير بمداهمة صفوف المزارعين المحتجين في «خوراسكان» في اصفهان بالغاز المسيل للدموع وفتحوا النار عليهم لتفريقهم. وأدى الاقتحام الهمجي الى مواجهات مع المزارعين رجلا ونساء استمرت حتى الساعة التاسعة ليلا. وقتل ما لا يقل عن 5 من المواطنين بينهم امرأة فضلا عن اصابة مئات آخرين بجروح. أربعة من الجرحى فقدوا البصراثر اصابتهم بالرصاص في العيون. كما تم اعتقال أكثر من 160 شخصاً من المزارعين . وجاءت هذه المواجهات عقب تجمع احتجاجي لمزارعي اصفهان في يوم الجمعة 22 شباط/ فبراير احتجاجا على سياسات نظام الملالي المعادية للشعب والتي أدت الى جفاف نهر زاينده رودوتحويل زاينده رود الى طريق ترابي مما أدى الى تدمير الزارعة في هذه المنطقة حسب المزارعين. كما قامت ماكنة القمع التابعة لنظام الملالي وبأمر من خامنئي باعتقال العديد من صفحيي وسائل الاعلام معظمهم من التابعين للزمر المنافسة له منها صحف شرق وآرمان وبهار واعتماد ووكالة ايلنا وصحيفة آسمان الاسبوعية. وعزت وكالة قوات الحرس للأنباء «سبب اعتقال هؤلاء الأفراد» الى «التعاون مع وسائل الاعلام المعادية للثورة والناطقة باللغة الفارسية». وهذا الاجراء يبين مدى خوف النظام من الانتفاضات الشعبية باستغلال الظروف الناجمة عن الانتخابات. الواقع أن خامنئي يريد بذلك فرض تقييدات أكثر وتوحيد أركان النظام بهدف اسكات الزمر المنافسة. كما يبين هذا العمل مدى هشاشة النظام أكثر من ذي قبل بحيث لا يتحمل حتى أقل صوت من داخل العصابات الداخلية في ايران . جدير بالذكر أن الهيئات الدولية وصفت مرات عديدة نظام الملالي بأنه «أكبر سجن للصحفيين في العالم» و «أكبر سجن للمراسلين في الشرق الأوسط». *كاتب أردني ورئيس لجنة الاعلاميين والكتاب العرب دفاعا عن أشرف [email protected]