مما لاشك فيه أن إلتقاء الصهيونية المسيحية و الصهيونية اليهودية ، وتحالفهم الإستراتيجي سواياً هو الذي أدي إلي قيام الكيان الأحلالي السرطاني بقلب المنطقة العربية ، فطبيعة الدولة الوظيفية التي تقوم بها إسرائيل لخدمة الغرب اقتصادياً وسياسياً وأيديولوجياً ، أدي إلي تحالف ماسمي بالصهيونية المسيحية واليهودية . ومن النظرة الأولي : نجد أن هذين المصطلحين مركبين ، فكل مصطلح يتكون من جزءين وكلاهما يشترك في الجزء الأول منه وهي الصهيونية . أذن السؤال : ماوجه الأشتراك والأتفاق بين الصهيونية المسيحية والصهيونية اليهودية ؟ الأتفاق كما هو ملاحظ في الصهيونية فكلاهما أتفق في المبادئ والأهداف الصهيونية ، التي هي بدورها حركة سياسية علمانية ( أي تفصل الدين عن السياسية ، وتجعل القرارت السياسيات منفصلة تماماً عن القيم والأيديولوجيات ، العقائد والدين وفقط ترتبط بالمصالح العقلانية والبراجماتية ) تهدف إلي أنشاء وطن قومي لليهود ، أينما كان هذا الوطن ، المهم قطعة أرض تستولي عليها القوي الصهيونية وتجمع فيها الشتات اليهودي ، الذي فشل في الأندماج والتكيف والتعايش مع كافة شعوب العالم لاسيما الشعوب الأروربية ، وأزدادت الأحتقانات حتي نشأ ماسُمي بالمسألة اليهودية ، وهي يقصد بها صعوبة بل وأستحالة عيش اليهود في وسط المجتمعات الأروربية لما لما من طبع أنعزالي ، وكراهية للأخر ، وشعور بالتميز ( فهم شعب الله المختار حسب معتقداتهم )، ورفضهم للأشتراك في أي أعمال أنتاجية تؤدي لتطور البلاد التي يحيون علي خيراتها، علاوة علي طبع الخيانة ونشر الفتن بين فئات الشعب ، والتحالف مع الأعداد ضد البلدان التي تأويهم ، وأحترفهم المهن القذارة من ربا ودعارة وتجارة مخدرات ، كل هذه العوامل أدت لكراهية الشعوب لهم ، وضجر القادة الأروربين ، ففكرت تلك القادة في إبعاد هؤلاي اليهود ، فرأت الصيهونية أن الحل هو أقامة وطن لليهود في أي مكان ، ودعم هذه الفكرة قادة أروربا للخلاص من المسألة اليهودية ، لاسيما وأن في هذه الفترة كانت تعيش أروربا أنتشار الحركات القوميات ، ونشاة واستقلال الدول القومية ، فتأثرت بها جدا ً الحركة الصهيونية ، ودعمها في بدء الأمر القادة الأروربين للخلاص من اليهود ، وبعد أختيار فلسطين كوطن قومي لليهود ، ذلك لعدة أسباب منها أنها بلد غني بالخيرات المتعددة ، والأهم موقعها الوسط في المنطقة العربية والإسلامية ، علاوة علي أنها يسهل إلباس الحقائق حولها واقناع العامة من اليهود والعالم أجمع بأنها وطنهم لأصلي ، وأرض الميعاد ، نظراً لمرور بني إسرائيل مراراً عليها . وعندما وقع الأختيار علي فلسطين ، وصدر وعد بلفور عام 1917 ، وعد من لايملك لمن لايستحق ، وبدءت الهجرات اليهودية ، وتكوين العصابات الإرهابية اليهودية في إسرائيل ، زاد دعم الغرب لإسرائيل حتي تلعب دور الدولة الوظيفية التي تخدم مصالحهم في المنطقة ، بأنها تمنع المد الإسلامي لإروربا عن طريق إلهاء الدول العربية والإسلامية بهذا الكيان الأستيطاني ، وأيضا فصل العالم العربي عن بعضه من خلال هذا الجسم الذي قبع أرض فلسطين التي كانت قلب الوطن العربي. وعندما زاد تصاعد التيارات اليمينة الدينية المتطرفة علي مستوي العالم ، أزاد التحالف بين الغرب وإسرائيل ولكن بشكل أخر علاوة علي المصالح والخلاص من اليهود ، أصبح لجانب ديني وعقائدي وإيديولوجي أيضا ً ، فزاد التحالف اشتباكاً بين الغرب لاسيما الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل . فالمسيحية الأنجيلية ( التيار اليميني المحافظ ) يؤمن بأنه لكي ينزل المسيح وتقام مملكة الميح ، الذي سينزل بعد تجميع اليهود في وطن لهم ، يدعوهم إلي الصلاح ( إلي المسيحية ) فمن يدخل المسيحية منهم فقد تاب عليه ومن يرفض فيقضي عليه ، وبهذا الأيمان العقائدي بعقيدة نزول المسيح علي مطلع ألفية ، تكون هي نهاية العالم ، معتقد إيماني لدي المسيحين ألتقي مع هدف سياسي بحت وعلماني ، الأ وهو الصهيونية التي تهدف لتجميع اليهود من شتاتهم في وطن قومي لهم ، فالتقي الأعداء في هدف واحد هو جعل فلسطين وطن قومي لليهود، وتشجيع الهجرات اليهودية ودعم كل سياسيات الأستطيان ، ومنع عودة الاجئين الفلسطينين ، وتهويد فلسطين بآسرها لاالقدس وحدها ، فلقد أستغل الصهيانة هذا المعتقد الأيماني للمسيحين لتفيذ أهدافهم السياسية العلمانية البعيدة كل البعد عن الدين اليهودي . فاليهود يؤمنون بأن المسيح المخلص سينزل ويقيم مملكة اليهود ، ويحقق لليهود الخلاص الذي يرغبون فيه . فرغم أن عقيدة كل منهم يقوم علي نفي الأخر ، الأ انهم التقوا ....لماذا ؟ لأن الحركة الصيهونية نجحت في أن تستغل الصيهونية المسيحية العالمية ، في أن تدعمها في أنشاء وطني قومي لهم في فلسطين ، ورغم ماواجهته الحركة الصيهونية من رفض من قبل جماعات دينية يهودية من تحالفها من الصيهونية المسيحية ، ومن أقامة أصلاً وطن قومي لليهود ، لأن المتدييون اليهود ( الملتزمون بالتوراة ) يروا أن الصيهونية أعتدت علي دور المسيح المخلص الذي هو المنوط له أن يخلص اليهود ويجمعهم في وطنهم ( طبقاً للتوراة ) وبهذا تكن الصيهونية تعجلت بالنهاية ، وأعتدت علي دور المسيح المخلص ، لكن الصهيونية دافعت عن نفسها بأنها بذلك سهلت علي المسيح المخلص عبر أقامة دولة إسرائيل وتجميع اليهود فيها ، كما أن بعض الصهيانة يقولون ولما لايكن المقصود من التوراة بأن يسعي اليهود لاقامة دولتهم وبهذا الجهد والسعي ينزل المسيح المخلص ليتم خلوصهم وأقامة مملكتهم . وبهذا تمكنت الحركة الصهيونية من استغلال كافة الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية حتي الدينية لتحقيق هدفها وهو أقامة وطن قومي لليهود . والسؤال الذي يفرض نفسه : أذا كانت الصهيونية تمكنت من أنها تسخر وتستغل الصهيونية المسيحية رغم التناقض الحاد بينهم والذي يصل لحد نفي الأخر لكل منهم ، لتحقيق أهدافها ، أذن ما الخطر ؟ الخطر في أزدياد نفوذ المتطرفين اليهود في إسرائيل ، والتيارات اليمينة الدينية المتشددة ، في الوقت الذي تقوم الصهيونية المسيحية بحملات تبشيرية في إسرائيل ، بشكل مكثف بين المستوطنين ، لاسيما مع أقتراب ألفية جديدة ، نظراً لإيمانهم كما أسلفنا البيان بأن نزول المسيح سيكون في ألفية جديدة ، وهذا النشاط التبشيري المسيحي بين اليهود عموماً وبين الإسرائيلين خصوصا ً(لأنها الوطن الذي سينزل عليه المسيح ليدعو اليهود للمسيحية كما سلف الذكر ) يتغاضي عنه الصهاينة في داخل إسرائيل ، لأنها لاتريد أن تحدث قطيعة مع الغرب المسيحي الأنجيلي ، وتخسر دعمة العسكري والسياسي والاقتصادي لدولة إسرائيل ، علاوة علي أن هذا الأعتقاد والتفكير الألفي ( أي نزول المسيح علي مطلع كل الفية جديدة ) يزيد من رحلات السياحة إلي إسرائيل بشكل كبير جداً ، يحقق رخاء وتنمية وانتعاش اقتصادي لإسرائيل ، وبالتالي فهم يغضون الطرف عن النشاط التبشيري المسيحي بين الإسرائيلين للمكاسب السياسية والاقتصادية والعسكرية التي يحصلون عليها من الغرب ، والتي هي بدورها لازمة لبقاء إسرائيل ، أما المتديين يرفضون ويخاشون علي مايسمونهم أصحاب النفوس الضعيفة والأيمان الضعيف من اليهود من هذا النشاط التبشيري ، فازداد الخلاف بينهم ، وكلما أزداد نفوذ وسلطة وعدد المتديين كلما ازداد تأثيرهم علي القرار السياسي في إسرائيل وهومايشكل بدوره خطر علي التحالف الصيهوني المسيحي اليهودي ؟ وخلاصة القول عندي مهما طال عهد هذا التحالف فهو مصيره إلي زوال وصراع حتمي بينهم ، طالما أن إيمان كلاً منهم يقوم علي نفي الأخر ، فسيأتي الوقت وقريب تنتهي فيه المصالح ويظهر الصراع وربما هذا الوقت يقترب بزيادة نفوذ وتأثير المتديين في إسرائيل .